للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وانقطاعه عن ماله، فابن السبيل يأخذ لكونه ابنَ سبيل، ولذا فإنه يأخذ قدر حاجته حتى عند الشافعي، ولا يجوز توسعة هذا المعنى بلا دليل، مع وجود المصارف الأخرى التي يمكن أن تغطي ما فيه منفعة عامة وتقوية للمسلمين (١).

وإنما ينطبق ما استدلوا به في حق المسافر الذي انقطع عن ماله، وهو محتاج إلى العودة لبلده، سواء كان سفره لمصلحة عامة أو خاصة، إلا أن ذا السفرة العامة أولى من غيره عند حاجته بالزكاة، إن كان ذلك من مصرف ابن السبيل أو من مصرف سبيل الله فيما فيه تقوية للمسلمين وعزٌّ لهم.

دليل القول الثاني: إن ابن السبيل هو المسافر الذي يأخذ لضياع ماله أو نفاد نفقته، فأما من عزم على السفر ولو لمصلحة عامة فإنه غير داخل في هذا المعنى لغة وفي اصطلاح أكثر أهل العلم (٢).

[الترجيح]

يترجح القول الثاني لظهور تعليله، ويتقوى ذلك بما يلي:

١ - أن إطلاق ابن السبيل في اصطلاح أكثر أهل العلم يصدق على المسافر الذي انقطع عن ماله، وإنما يعطى ما يَتَبَلَّغُ به للعودة إلى بلده، فإن كان قد وقع في هذا المعنى خلاف لدى الفقهاء، فإن اللغة تؤيد قول الجمهور المذكور.

٢ - أن المسافر لمصلحة عامة يعود نفعها للمسلمين بالقوة والعزة، يُشرع له الأخذ من مصرف في سبيل الله؛ لما في ذلك من معنى تقوية المسلمين التي شرع الجهاد لأجلها، كما تقدم تقريره في المبحث السابق، وعليه فلا حاجة لأخذه من


(١) مصرف ابن السبيل وتطبيقاته المعاصرة، ضمن أبحاث الندوة التاسعة لقضايا الزكاة المعاصرة (ص ٤٠١).
(٢) ينظر: المرجع السابق.

<<  <   >  >>