للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فدل الحديث على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقسِم إبل الصدقة على المستحقين حال وصولها إليها، وإنما وضع لها راعيًا، واستثمرها بما ينشأ عنها من تناسل ولَبَنٍ يُصْرف للمستحقين (١).

وهكذا خلفاؤه - صلى الله عليه وسلم -، ومن ذلك ما ورد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه شرب لبنًا فأعجبه، فسأل عنه، فأخبره الذي سقاه أنه ورد على ماءٍ قد سَمَّاه، فإذا نَعَمٌ مِن نَعَم الصدقة وهم يَسْقُون، قال: فحلبوا في من ألبانها، فجعلتُه في سِقائي، فهو هذا، فأدخل عمر رضي الله عنه يده فاستقاءه (٢).

ونوقش: بأن اعتبار ذلك استثمارًا غيرُ مُسَلَّم، فقد كان لمجرد حفظ الحيوانات لحين توزيعها على المستحقين لا للاستثمار، وما يحصل من توالد وتناسل ودَرّ لبن فهو طبيعي غير مقصود، فلا يدل هذا الدليل على جواز إنشاء مشاريع إنتاجية طويلة الأجل، وإنما يدل على جواز استثمار أموال الزكاة في إحدى المصارف الإسلامية لحين توزيعها أو توصيلها إلى المستحقين، فإن هذا الاستثمار للحفظ وتحقيق النفع للمستحقين من رَيْعها، فلا حرج فيه لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن استطاع منكم أن ينفع أخاه فَلْيَفْعَل " (٣) (٤).


= {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: ٣٣]، برقم: (٦٨٠٢)، ومسلم في صحيحه، كتاب القسامة، باب حكم المحاربين والمرتدين: برقم: (١٦٧١). من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، واللفظ للبخاري.
(١) ينظر: استثمار أموال الزكاة لشبير: ٢/ ٥١٩.
(٢) أخرجه مالك في الموطَّأ، كتاب الزكاة، باب ما جاء في أخذ الصدقات والتشديد فيها، برقم: (٦٠٦) والبيهقي في السنن الكبرى، كتاب قسم الصدقات، باب الخليفة ووالي الإقليم العظيم الذي لا يلي قبض الصدقة ليس لهما في سهم العاملين عليها حق: ٧/ ١٤ رقم: (١٢٩٤٣).
(٣) رواه مسلم في صحيحه، كتاب السلام، باب استحباب الرقية من العين والنَّمْلَة والحمة والنظرة، برقم: ٢١٩٩ من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
(٤) ينظر: استثمار أموال الزكاة لشبير ٢/ ٥٢٨.

<<  <   >  >>