للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تقرير ذلك، قال ابن زنجويه (١): السُّنّة عندنا أن الإمام يبعث على صدقات كل قوم من يأخذها من أغنيائهم ويفرقها في فقرائهم، غير أن الإمام ناظر للإسلام وأهله، والمؤمنون إخوة، فإن رأى أن يصرف من صدقات قوم لغناهم عنها إلى فقراء قوم لحاجتهم إليها فعل ذلك على التحري والاجتهاد (٢).

وقد أفتى بنحو ذلك شيخ الإسلام، حيث نص على جواز نقل الزكاة وما في حكمها لمصلحة شرعية (٣).

[ومن صور تلك المصلحة التي يجوز نقل الزكاة لأجلها]

١ - أن يكون فقراء البلد الآخر أشد حاجة، وقد نص على ذلك الحنفية (٤) والمالكية (٥)، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية (٦).

فيجوز نقل الزكاة إليهم؛ لأن المقصود من الزكاة سدُّ خَلَّةِ الفقير، فمن كان أحْوَجَ كان أولى، ويؤيد ذلك عموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَثَلُ المومنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد" (٧).


(١) ابن زنجويه: هو حميد بن زنجويه الحافظ الأزديّ. مولده في حدود سنة (١٨٠ هـ) روى عنه أبو داود والتّرمذيّ، وصنَّف كتاب الأموال وكتاب التَّرغيب والتَّرهيب، وكان ثقة إمامًا كبير القدر، قال أبو حاتم عنه: الذي أظهر السُّنَّة بنسا. توفي سنة (٢٥١). [ينظر: سير أعلام النبلاء (١٢/ ٢٠) الوافي بالوفيات (٤/ ٣٣٢)].
(٢) ينظر: الأموال ٣/ ١١٩٦.
(٣) ينظر: الأخبار العلمية من الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية، (ص ١٤٨).
(٤) ينظر: الجوهرة النيرة ١/ ١٣١.
(٥) ينظر: حاشية الدسوقي ١/ ٥٠١، شرح مختصر خليل للخرشي ٢/ ٢٢٠.
(٦) ينظر: الإنصاف ٧/ ١٧١.
(٧) رواه مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تراحم المسلمين وتعاطفهم وتعاضدهم (٢٥٨٦).

<<  <   >  >>