للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويناقش من وجهين:

الوجه الأول: بأنّ الأصل انتفاء الدين وبراءة الذمة، وعلى من دفع وجوب الزكاة عليه بكونه مدينًا أن يثبت دعواه، فلا يصدق قوله إلا ببينة (١)، كما أن الأصل في المال الذي تحت يد حائزه أنه له، فلا حاجة لسؤاله عن ملكه له، أو استحقاقه لغيره بالدين (٢).

الوجه الثاني: بأننا لو قررنا لزوم السؤال مع عدم نقله، فإنَّ ذلك دال على أن الزكاة تتعلق بالمال دون الذِّمة، وهذا لا فرق فيه بين الأموال الظاهرة والباطنة، فإذا كان الدين لا يمنع الزكاة في الأموال الظاهرة فكذا لا يمنع في الأموال الباطنة، لا سيما والعمومات شاملة للنوعين (٣).

٢ - أنَّ تعلّق أطماع الفقراء بالأموال الظاهرة أكثر، فتكون الزكاة فيها أوكد (٤).

ونوقش: بأنّ هذا التعليل لا يقاوم عموم الأدلة السابقة، وأن الدين يمنع وجوب الزكاة في سائر الأموال، لا سيما وأن البطون والظهور في المال أمر نسبي، فربما أصبحت عروض التجارة في عصرنا أشد ظهورًا من الماشية، وتعلق الفقراء بها أعظم، فلا ينبغي التعويل على الظهور والبطون في مثل ذلك لكونه نسبيًّا (٥).


(١) ينظر: الأموال لأبي عبيد (٥٠٩)، قال ابن العربي في أحكام القرآن ٢/ ٥٣٥: إذا جاء الرجل وقال: أنا فقير، أو مسكين، أو غارم، أوفي سبيل الله، أو ابن السّبيل، هل يقبل قوله، أم يقال له: أثبت ما تقول؟ فأما الدين فلا بد من أن يثبت، وأما سائر الصفات فظاهر الحال يشهد لها ويكتفى به فيها. . . وانظر فقه الزكاة للقرضاوي ١/ ١٧٨.
(٢) ينظر: الطرق الحكمية في السياسة الشرعية (ص ١١٣).
(٣) ينظر: الممتع ٦/ ٣٨.
(٤) ينظر: الشرح الكبير ٦/ ٣٤٢.
(٥) ينظر: فقه الزكاة ١/ ١٧٨.

<<  <   >  >>