للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الثانية عشرة:

أن العبادة في الفتن أفضل من العبادة في غيرها، دليل ذلك ما ورد في صحيح مسلم عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (العبادة في الهرج كهجرة إليّ).

فجعل لزوم العبادة في الهرج ـ الذي هو القتل كما في الأحاديث الأخرى ـ كهجرة إليه عليه الصلاة والسلام، والسبب في ذلك والله أعلم:

أولا: أن الناس في وقت الفتن ينشغلون عن العبادة فلا يتفرغ لها إلاّ الأفذاذ من الناس كما قال الإمام النووي رحمه الله.

الثاني: أن العابد في وقت الفتن يؤدي العبادة وهو في حال خوف من تلف نفس وضياع مال وذهاب حرمة فلذا كانت عبادته أفضل من غيره ممن لا يخاف ذلك.

ولهذا فرق الله تعالى في كتابه بين من أنفق من قبل الفتح وقاتل؛ ومن أنفق من بعده وقاتل فقال: ((لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا، وكلا وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير)) وما ذلك إلا لأن الذين أنفقوا من قبل الفتح وقاتلوا فعلوا ذلك في وقت خوف وقلة، بخلاف من فعل ذلك بعد الفتح، فإنهم وإن كانوا موعودين بالحسنى إلا أنهم أنفقوا وقاتلوا بعد عزة الإسلام وقوة أهله.

الثالث: أن لزوم العبادة وقت الفتن دليل على صدق صاحبها مع الله

<<  <   >  >>