للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الخامسة عشرة:

أن كثيرا مما يروى في الفتن والملاحم من الأحاديث والآثار ضعيف أو موضوع لا يحتج به، ولذا ورد عن الإمام أحمد رحمه الله أنه قال: ثلاث علوم لا إسناد لها ـ وفي لفظ: ليس لها أصل: التفسير والمغازي والملاحم.

وهذا واضح جلي لمن قرأ في الكتب التي ألفت في هذا الباب خاصة ـ ككتاب: (الفتن) لنعيم بن حماد الخزاعي رحمه الله ـ ثم عرض ما فيها من الأحاديث والآثار على كلام أهل الشأن من العلماء.

فإن قال قائل: فإذا كان الأمر كما قلت، فلماذا رواها هؤلاء الأجلة رحمهم الله وأودعوها مصنفاتهم؟ أليس في هذا تضليل للأمة، وغش لأهلها؟

فالجواب: أن من عادة سلفنا رحمهم الله تعالى أن يرووا في كتبهم ما أرادوا ذكره بأسانيدهم .. لينظر فيها من يقرأ كتبهم ممن جاء بعدهم ثم يحكم عليها بما يليق بها صحة وضعفا .. وكثير من كتب الإسلام قائمة على ما ذكرت .. فالجمع والتأليف شيء، والتمحيص ومن ثم العمل شيء آخر.

إذا: فلا غش ولا تضليل، وإنما الغش والتضليل ممن يذكر تلك الآثار والنصوص في كتابه بلا خُطُم ولا أزمة، كالبعير الشارد، ويسوقها مساق الأحاديث المسلم بها بحجة أنه وجدها في كتاب فلان، وينزلها على الأزمان والأشخاص، فيغر الجاهل بها، ويشغل العالم بالرد عليه وعليها.

<<  <   >  >>