للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فبقاء الحق في الأمة ظاهرا منصورا محفوظا، من أجلّ النعم وأفضل المنن على هذه الأمة ولله الحمد والمنة.

ثانيا: أن الله تعالى حفظ هذه الأمة من الهلاك ببعض الأمور، بدعاء نبيها - صلى الله عليه وسلم -، فمن ذلك:

ما رواه مسلم وغيره من حديث ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وان أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها، وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض واني سالت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة عامة، وان لا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم، وان ربي قال: يا محمد إني إذا قضيت قضاء فانه لا يرد، واني أعطيتك لامتك أن لا أهلكهم بسنة عامة، ولا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم من بأقطارها أو قال من بين أقطارها، حتى يكون بعضهم يهلك بعضا ويسبي بعضهم بعضا).

وفيه عن سعد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اقبل ذات يوم من العالية حتى إذا مر بمسجد بني معاوية دخل فركع ركعتين وصلينا معه ودعا ربه طويلا ثم انصرف إلينا فقال - صلى الله عليه وسلم - (سالت ربي ثلاثا فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة: سالت أن لا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها وسألته أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها، وسألته أن لا يجعل باسهم بينهم فمنعنيها).

فبان بهذه الأحاديث حفظ الله تعالى لهذه الأمة من الهلاك العام: بالسنين، والغرق، والعدو الخارج مهما كانت قوته، وأن من أخطر الأمور على الأمة هو التفرق والاختلاف، والفتن الناشئة من داخلها.

وعليه: فليتق الله أقوام يسعون في إشعال الفتن، وإذكاء نارها، سواء ممن له غيرة على الدين تحملهم على ارتكاب مالا يجمل، أو من الفسقة والمنحلين الذين يسعون لإفساد المسمين، فان ذلك سبب للهلاك. والله اعلم.

ثالثا: كما أن الله تعالى ـ كما تقدم ـ قد أمّن هذه الأمة من الهلاك العام بعذاب من عنده؛ فإنه سبحانه لم يجعل نهايتها على يد أحد سواه،

<<  <   >  >>