للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الثانية:

إذا علمنا أن الفتن لابد واقعة في أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - فينبغي أن يعلم أنها كثيرة جدا لا يمكن حصرها .. فعن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: أشرف النبي - صلى الله عليه وسلم - على أطم من آطام المدينة فقال: (هل ترون ما أرى؟) قالوا: لا. قال: (فإني لأرى الفتن تقع خلال بيوتكم كوقع القطر) متفق عليه واللفظ للبخاري.

وفي البخاري عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: استيقظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة فزعا يقول: (سبحان الله ماذا أنزل الله من الخزائن، وماذا أنزل من الفتن؟ من يوقظ صواحب الحجرات _ يريد أزواجه _ لكي يصلين، رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة).

فدل ما تقدم على كثرة الفتن حتى شبهت بالقطر من السماء، ومعلوم أن القطر لايحصيه إلاّ الذي أنزله.

فإذا كان الأمر كذلك وأن الفتن كثيرة جدا فليعلم العبد أنه إن أخطأته فتنة .. لم يكد يسلم من الأخرى، فلينج بنفسه وليحذر. وقد تقدم في الحديث: (من تشرف لها تستشرفه، ومن وجد ملجأ أو معاذا فليعذ به).

فالعاقل يوطن نفسه على الهرب منها واجتنابها .. والأحمق الأخرق هو الذي يرفع لها رأسه فيوشك أن تقطعه.

وعلى ما تقدم: فلا يزال العبد في مجاهدة وصبر لكثرة الفتن واستمرارها .. والله المستعان.

<<  <   >  >>