للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جدا، قال تعالى: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (١)، قال ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: (ليس التهلكة أن يُقتل الرجل في سبيل اللَّه، ولكن الإمساك عن النفقة في سبيل اللَّه) (٢).

عن أسلم أبي عمران قال: "غزونا من المدينة نريد القسطنطينية، وعلى الجماعة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، والروم ملصقوا ظهورهم بحائط المدينة، فحمل رجل على العدو، فقال الناس: مه مه لا إله إلا اللَّه يلقي بيده إلى التهلكة، فقال أبو أيوب: إنما نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار، لما نصر اللَّه نبيه، وأظهر الإسلام، قلنا: هلم نقيم في أموالنا ونصلحها، فأنزل اللَّه عز وجل: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}، فالإلقاء بأيدينا إلى التهلكة أن نقيم في أموالنا ونصلحها، وندع الجهاد. قال أبو عمران: فلم يزل أبو أيوب يجاهد في سبيل اللَّه حتى دفن بالقسطنطينية" (٣). فترك الجهاد إلقاء بالنفس إلى التهلكة، كما أن تركه عند تعينه بأن دخل الحربيون دار الإسلام، أو أخذوا مسلما وأمكن تخليصه منهم، وترك الناس الجهاد من أصله، وترك أهل الإقليم تحصين ثغورهم بحيث يخاف عليها من استيلاء الكفار بسبب ترك ذلك التحصين يعد من الكبائر (٤).


(١) سورة البقرة، الآية [١٩٥].
(٢) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، ٣/ ٥٨٤.
(٣) أخرجه أبو داود، كتاب الجهاد، باب قوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}، رقم: ٢٥١٢، ٣/ ١٢، والترمذي، كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة البقرة، رقم: ٢٩٧٢، ٥/ ٢١٢، وقال: "حديث حسن صحيح غريب"، والحاكم، رقم: ٢٤٣٤، ٢/ ٩٤، وقال: "حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، وصحيح ابن حبان، محمد بن حبان التميمي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، بيروت: مؤسسة الرسالة، ط ٢، ١٤١٤ هـ، رقم: ٤٧١١، ١١/ ٩.
(٤) انظر: الزواجر عن اقتراف الكبائر، أحمد بن حجر الهيثمى، لبنان: المطبعة العصرية، ط ٢، ١٤٢٠ هـ، ٣/ ١٤٧.

<<  <   >  >>