للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صدر الإسلام وكيف فتح اللَّه بهم البلاد، ودان لدينهم العباد، لما بذلو للَّه أنفسهم في الجهاد، وحالنا اليوم كما ترى عدد أهل الإسلام كثير، ونكايتهم في الكفار نزر يسير، فهل هذا الزمان إلا زماننا بعينه، وتأمل حال ملوكنا إنما همتهم جمع المال من حرام وحلال وإعراضهم عن أمر الجهاد، فإنا للَّه وإنا إليه راجعون على مصاب الإسلام" (١).

والوهن أن يفعل الإنسان فعل الضعيف، ولهذا فقد نهى اللَّه عنه بقوله سبحانه: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (٢)، أي: لا تفعلوا أفعال الضعفاء وأنتم أقوياء، فالوهن انكسار الجسد بالخوف وغيره، وأما الضعف نقصان القوة (٣)، قال القرطبي: "عزاهم وسلاهم بما نالهم يوم أحد من القتل والجراح، وحثهم على قتال عدوهم ونهاهم عن العجز والفشل فقال: {وَلَا تَهِنُوا} "أي: لا تضعفوا ولا تجبنوا يا أصحاب محمد عن جهاد أعدائكم لما أصابكم" (٤)، "فإن وَهَن القلب مستدع لوَهَن البدن، وذلك يضعف عن مقاومة الأعداء" (٥). وقد قال تعالى: {وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} (٦).


(١) الجواهر الحسان في تفسير القرآن (تفسير الثعالبي)، عبد الرحمن بن محمد الثعالبي، بيروت: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، ط ١، د. ت، ١/ ٣١٨ - ٣١٩.
(٢) سورة آل عمران، الآية [١٣٩].
(٣) انظر: الفروق اللغوية، الحسن بن عبد اللَّه العسكري، بيروت: الدار العربية للكتاب، ط ١، ١٩٨٣ م، ١/ ٣٣٠ - ٣٣١.
(٤) الجامع لأحكام القرآن، ٤/ ٢١٦ - ٢١٧.
(٥) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، ١/ ١٩٩.
(٦) سورة النساء، الآية [١٠٤].

<<  <   >  >>