للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكعبة وانحاز بنو هاشم وبنو المطلب كلهم: كافرهم ومؤمنهم، فصاروا في شعب أبي طالب محصورين، حاشا أبا لهب وولده، فإنهم صاروا مع قريش على قومهم، وآذوا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه -صلى اللَّه عليه وسلم- أذى شديدًا وضربوهم في كل طريق وحصروهم في شعبهم وقطعوا عنهم المادة من الأسواق فلم يدعوا أحدا من الناس يدخل عليهم طعاما ولا شيئا مما يرفق بهم حتى بلغهم الجهد وسمع أصوات صبيانهم بالبكاء من وراء الشعب فبقوا كذلك ثلاث سنين (١).

"إن أعداء اللَّه في كل زمان ومكان يلجؤون إلى استخدام سلاح محاربة الدعاة في أرزاقهم، ليستكينوا ويرجعوا عما يدعون إليه. وهو أسلوب يتفق عليه المشركون والمنافقون. ولو كان المسلمون الأوائل موظفين أو مستخدمين في دولة تخالفهم فيما يدعون إليه، للجأت تلك الدولة إلى فصلهم من أعمالهم كوسيلة من وسائل الحرب التي تتخذها ضدهم. ولكن الوسيلة المتاحة في ذلك الوقت في هذا الميدان كانت المقاطعة" (٢).

وأما الحصار الثاني الذي وقع على المسلمين في زمن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فهو يوم الأحزاب (الخندق) في العام الخامس من الهجرة، وهي الغزوة التي ابتلى اللَّه تعالى فيها المؤمنين وثبت الإيمان في قلوبهم وأظهر ما كان يبطنه أهل النفاق واليهود (٣)، وقد كانت من أحرج


(١) انظر: تاريخ الأمم والملوك، ١/ ٥٥٢ - ٥٥٣، والكامل في التاريخ، ابن الأثير، بيروت: دار الفكر، ط ١، ١٩٧٨ م، ١/ ٦٠٤ - ٦٠٦، والبداية والنهاية، ٣/ ٨٥ - ٩٧، وجوامع السيرة، علي بن أحمد ابن حزم الأندلسي الظاهري، تحقيق: إحسان عباس، مصر: دار المعارف، ط ١، ١٩٠٠ م، ١/ ٦٤ - ٦٥، والمبتدأ والمبعث والمغازي (سيرة ابن إسحاق)، محمد بن إسحاق بن يسار، تحقيق: محمد حميد اللَّه, ط ١، ١٣٩٦ هـ، ٢/ ١٤٠، وزاد المعاد، ٣/ ٢٩ - ٣٠.
(٢) السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية، ص ٢٢١.
(٣) انظر: زاد المعاد، ٣/ ٢٦٩ - ٢٧١، والسيرة الحلبية، ٢/ ٦٢٨.

<<  <   >  >>