للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن رأيك أو هواك؟ فرأينا تبع هواك ورأيك، فإن كنت إنما تريد الإبقاء علينا، فواللَّه لقد رأيتنا وإياهم على سواء ما ينالون منا ثمرة إلا شراء أو قرى) (١).

وعندما أخبر رسولنا -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الطائفة المنصورة ذكر من صفاتهم وقوع الحصار عليهم، فعن أبي أمامة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: (لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين لعدوهم قاهرين لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء حتى يأتيهم أمر اللَّه وهم كذلك)، قالوا يا رسول اللَّه: وأين هم؟ قال: (ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس) (٢)، قال الطبري رحمه اللَّه: "يعني النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- باللأواء الشدة، إما في المعيشة من جدب وقحط، أو حصار، وإما في الأبدان من الأمراض والعلل، أو الجراح، يقال من ذلك: أصابت القوم لأواء" (٣).

ولهذا فقد وصف اللَّه عز وجل ما كان عليه أتباع الأنبياء عليهم السلام من إيمان راسخ وإرادة وعزيمة ومدحهم؛ لكي نتأسى بهم، فقال تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} (٤) أي: "فما عجزوا لما نالهم من ألم الجراح الذي نالهم في سبيل اللَّه، ولا لقتل من قُتل منهم، عن حرب أعداء اللَّه، ولا نكلوا عن جهادهم، {وَمَا ضَعُفُوا} يقول: وما ضعفت قواهم


(١) سبق تخريجه ص ٦١.
(٢) أخرجه أحمد، ٥/ ٢٦٩، رقم: ٢٢٣٧٤، قال الألباني في السلسلة الصحيحة، ٤/ ٤٥٦: فالصواب أن يقال: "وفيه من لم يوثق، إلا من ابن حبان، فإنه وثق أحدهم".
(٣) تهذيب الآثار مسند علي، محمد بن جرير الطبري، تحقيق: محمود شاكر، القاهرة: مطبعة المدني، ط ١، د. ت، ٢/ ٨٣٥.
(٤) سورة آل عمران، الآية [١٤٦].

<<  <   >  >>