للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقتل نبيهم، {وَمَا اسْتَكَانُوا} يعني: وما ذلوا فيتخشَّعوا لعدوّهم بالدخول في دينهم ومداهنتهم فيه خيفة منهم، ولكن مضوا قُدُمًا على بصائرهم ومنهاج نبيِّهم، صبرًا على أمر اللَّه وأمر نبيهم، وطاعة للَّه واتباعًا لتنزيله ووحيه" (١).

وإن للحصار أشكالًا متعددة كما مضت الإشارة لذلك، ومن صور الحصار المعاصرة تغييب الاقتصاد الإسلامي عن واقع حياة المسلمين، ولقد نجم عن إغفال تطبيق نظام الاقتصاد الإسلامي تغلغل المؤسسات الربوية في العالم الإسلامي وسيطرتها الكاملة على السيولة النقدية، والتخلف الاقتصادي والصناعي بالرغم من وفرة الثروات والموارد وتنوعها، كما بقيت الدول الإسلامية ضمن دائرة التبعية الاقتصادية الشرقية أو الغربية، ناهيك عن تفاقم مشكلات الفقر والبطالة، والانغماس في الاستهلاك، وزيادة مديونية العالم الإسلامي، وفوضى التخطيط وعدم إفساح المجال للاقتصاد الإسلامي، فحالت كل هذه الأوضاع دون قيام التنمية الشاملة أو استثمار الموارد، بل أصبحت الدول الإسلامية مرتعًا للنظم الاقتصادية الأجنبية وتبعًا لها، مع استمرار استنزاف خيرات العالم الإسلامي بصور شتى وبمسميات تتنوع بما يتناسب مع كل عصر (٢).

إن واقع اقتصاد العالم الإسلامي اليوم في أكثر البلاد الإسلامية أليم، فالدخل القومي يضع الفرد المسلم في المستوى الأدنى، والخيرات تؤخذ من العالم الإسلامي لتعاد وتباع بأضعاف سعر الشراء، وأما الإنتاج والصناعة فهي محدودة لا ترقى إلى الصناعات الثقيلة، وأكثر الدول الإسلامية تستورد أكثر مما تصدر، أما الابتعاد عن النظام الاقتصادي الإسلامي فقد زاد من تفاقم المشكلات الاقتصادية (٣)، وهذا الانهيار الاقتصادي


(١) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، ٧/ ٢٦٩.
(٢) انظر: حاضر العالم الإسلامي الواقع والتحديات، ص ٢٥٦ - ٢٥٧.
(٣) انظر: حاضر العالم الإسلامي، د. علي جريشة، القاهرة: مكتبة وهبة، ط ٤، ١٩٩١ م، ص ٧٩ - ٨٠.

<<  <   >  >>