للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقد كانت المؤاخاة والموالاة مسلكًا من مسالك الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- في بناء المجتمع الإسلامي الأول (١)، وكانت سببًا من أسباب قوته بالرغم من الأخطار التي كانت تحيط به من الداخل والخارج.

وقد أمرنا الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- بالوحدة فقال عليه الصلاة والسلام: (إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك أصابعه) (٢)، قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: (تَرَى المُؤْمِنِينَ فِي ترَاحُمِهِم وَتَوَادِّهِم وَتَعَاطُفِهِم كَمَثَلِ الجَسَدِ إِذا اشْتكَى عُضْوًا تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالحُمَّى) (٣)، ولفظ الحديث: "خبر ومعناه أمر، أي كما أن الرجل إذا تألم بعض جسده سرى ذلك الألم إلى جميع جسده فكذا المؤمنون ليكونوا كنفس واحدة إذا أصاب أحدهم مصيبة يغتم جميعهم ويقصدوا إزالتها، وفي هذا التشبيه تقريب للفهم وإظهار المعاني في الصور المرئية" (٤)، والحديث: "صريح في تعظيم حقوق المسلمين بعضهم على بعض، وحثهم على التراحم والملاطفة والتعاضد في غير إثم ولا مكروه" (٥).

يقول الشيخ ابن باز رحمه اللَّه: "وما يقال بالنسبة للأفراد يقال بالنسبة للأمم المسلمة؛ إذ يجب على الأمة القوية في مالها أو رجالها أو سلاحها أو علومها، أن تمد الأمة المستضعفة،


(١) انظر: تطور مفهوم الدولة في المجتمع الإسلامي الأول، د. مخلص طه الصيادي، الشارقة: دار الثقافة والإعلام، ط ١، ٢٠٠٢ م، ص ٨١ - ٨٧.
(٢) أخرجه البخاري، كتاب الصلاة، باب تشبيك الأصابع في المسجد وغيره، رقم: ٤٦٧، أخرجه مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم، رقم: ٢٥٨٥
(٣) أخرجه البخاري، كتاب الأدب، باب رحمة الناس والبهائم، رقم: ٥٦٦٥، ومسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تراحم المسلمين وتعاطفهم وتعاضدهم، رقم: ٢٥٨٦.
(٤) فيض القدير، ٥/ ٥١٥.
(٥) شرح النووي على صحيح مسلم، ١٦/ ١٣٩ - ١٤٠.

<<  <   >  >>