للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شعيب عليه السلام، كما قال تعالى عن قومه: {قَالُوا يَاشُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ} (١)، وكذلك كان شأن صالح عليه السلام: {قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} (٢)، فقد دلت الآية على أنهم يخافون من أولياء صالح ولم يفكروا أن يفعلوا به سوءً إلا ليلًا وخفية، أما لوط عليه السلام فلم تكن له عصبة في قومه حتى قال: {قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} (٣)، فيلزم الناظر في هذه المسألة أن يفرق بين الأمرين ويعلم أن النداء بروابط القوميات لا يجوز على كل حال، ولاسيما إذا طغى على رابطة الإسلام، كما أن منع النداء بروابط القوميات لا ينافي أنه ربما انتفع المسلم بنصرة قريبه الكافر بسبب العواطف النسبية والأواصر العصبية التي لا تمت إلى الإسلام بصلة، ولكن تلك القرابات النسبية لا يجوز أن تجعل هي الرابطة بين المجتمع؛ لأنها تشمل المسلم والكافر ومعلوم أن المسلم عدو الكافر (٤).

وعليه فإن المستضعفين ينبغي لهم الاستفادة من التحالفات أو العادات أو القوانين والأنظمة المعمول بها في البلدان التي يعيشون فيها، ولا تخلو تلك المجتمعات من وجود أشخاص أو جماعات أو منظمات حقوقية تعنى بحقوق الإنسان وتطالب بها، وتنصف المظلومين، وتدافع عن الحرية الدينية، وقد قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: (. . . وإن اللَّه ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر) (٥).


(١) سورة هود، الآية [٩١].
(٢) سورة النمل، الآية [٤٩].
(٣) سورة هود، الآية [٨٠].
(٤) انظر: أضواء البيان، ٣/ ٤٥ - ٤٦.
(٥) أخرجه البخاري، كتاب، باب إن اللَّه يؤيد الدين بالرجل الفاجر، رقم: ٢٨٩٧، ومسلم، كتاب، باب، رقم: ١١١.

<<  <   >  >>