للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن لم يكن بيد المستضعفين توقيع اتفاقيات أو تحالفات لعدم الاعتراف بهم أو لوقعهم تحت القهر والظلم والعدوان، فإن إخوانهم المسلمين ينبغي عليهم نصرتهم مباشرة، فإن لم يتسنى ذلك فمن خلال تضمين المعاهدات شروط الإفراج عن الأسرى أو منح المستضعفين بعض الحقوق، مما يخفف من الظلم الواقع عليهم، ويمنحهم الحق في ممارسة شعائرهم وعبادتهم للَّه عز وجل، بل ويتيح لهم الفرصة لنشر الإسلام والدعوة إليه (١).

وفي واقعنا المعاصر نجد أن تضارب مصالح الكفار فيما بينهم، أدى إلى وقوفهم مع المسلمين أحيانًا أو المطالبة بحقوقهم، لضرب مصلحة الفريق الآخر، وهذه الحالة لا تعني أن يطمئن المسلمون إلى هذه المواقف ويركنوا إليها، بل تعني الاستفادة منها مع الحذر، إذ سرعان ما ينقلب الموقف وتتبدل السياسة.

وكذلك الحال عندما يسود الفكر الديمقراطي في بلد ما، ويتاح المجال للمسلمين للدعوة إلى اللَّه، فلا مانع من الاستفادة من ذلك كله مع اليقظة والحذر من تقلب الأحوال والسياسات، وعدم تقديم التنازلات فيما يتصل بالثوابت والعقائد (٢).

* * *


(١) ومن الأمثلة على ذلك ما أسهمت به مصر في عهد المماليك البحرية من خلال تضمين معاهداتهم مع ملوك قطلونية وأرغون نصًا بضمان حرية المسلمين في القيام بشعائرهم الدينية وعدم ظلمهم حيث كانوا وأين كانوا، كما تم الإفراج عن الأسرى بموجب أول معاهدة وقعت مع الفونسو الثالث (٦٨٩ هـ - ١٢٩٠ م)، وأسهم بنفس الدور ملوك أفريقية من الأسرة الحفصية، وكذلك سلاطين بني الأحمر لإنقاذ المسلمين "المدجنين" من مملكة قطلونية وأرغون وتأمين وصولهم إلى مملكة غرناطة. انظر: جُزر الأندلس المنسية (التاريخ الإسلامي لجزر البِليَار)، د. عصام سيسالم، بيروت: دار العلم للملايين، ط ١، ١٩٨٤ م، ص ٤٦٠.
(٢) انظر: المنهج الحركي للسيرة النبوية، منير الغضبان، الأردن: مكتبة المنار، ط ١، د. ت، ص ١١٢.

<<  <   >  >>