للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولما أراد الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يذكر مناقب الصديق أبي بكر -رضي اللَّه عنه- ذكر أمر الهجرة، فقال: (رحم اللَّه أبا بكر زوجني ابنته وحملني إلى دار الهجرة) (١).

وعندما استشار الفاروق عمر -رضي اللَّه عنه- الصحابة -رضي اللَّه عنهم- بوضع التاريخ اختار الهجرة وقال: (فإن مهاجر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فرق بين الحق والباطل) (٢).

ولقد كانت الهجرة إلى المدينة فرضًا في أول الإسلام على من أسلم، بل من شروط صحة الإسلام قبل فتح مكة؛ وسبب ذلك عدة أمور منها:

(أ) قلة المسلمين بالمدينة وحاجتهم إلى الاجتماع ومن ثم إقامة الدولة.

(ب) حاجة المسلمين إلى تعلم أحكام الدين من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مباشرة ثم نشرها.

(جـ) أن يسلم المسلم من أذى قومه من الكفار.

(د) نصرة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ودولة الإسلام الناشئة.

وبعد أن فتح اللَّه مكة ودخل الناس في دين اللَّه أفواجًا سقط فرض الهجرة إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وبقي الجهاد والنية (٣).


(١) المستدرك على الصحيحين، ٣/ ٧٦، رقم: ٤٤٤١، وقال: "صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه".
(٢) مصنف ابن أبي شيبة، ٧/ ٢٦، رقم: ٣٣٩٥٢، قال ابن الأثير: "والصحيح المشهور أن عمر بن الخطاب أمر بوضع التاريخ"، الكامل في التاريخ، ١/ ١٢، قال ابن كثير: "وروى محمد بن إسحاق عن الزهري وعن محمد بن صالح عن الشعبي أنهما قالا: أرخ بنو إسماعيل من نار إبراهيم، ثم أرخوا من بنيان إبراهيم وإسماعيل البيت، ثم أرخوا من موت كعب بن لؤي، ثم أرخوا من الفيل، ثم أرخ عمر بن الخطاب من الهجرة، وذلك سنة سبع عشرة أو ثمان عشرة"، البداية والنهاية، ٣/ ٢٠٧.
(٣) انظر: المبسوط، ١٠/ ٧، الفواكه الدواني، ١/ ٣٩٨، وحاشية العدوي على شرح كفاية الطالب الرباني، علي الصعيدي العدوي، تحقيق: يوسف محمد البقاعي، دار الفكر: بيروت، ط ١، ١٤١٢ هـ، ٢/ ٧، وفتح الباري، ٦/ ٣٧ - ٣٨، وتحفة الأحوذي، ٥/ ١٧٨.

<<  <   >  >>