للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- قال: ({وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا}، {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا} فكان الأعرابي لا يرث المهاجر ولا يرثه المهاجر فنسختها، فقال: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ}) (١)، لقد كان التوارث في الجاهلية ثم في ابتداء الإسلام بالحلف والنصرة وكان الرجل يقول للرجل: دمي دمك، ومالي مالك، تنصرني وأنصرك، وترثني وأرثك، فيتعاقدان الحلف بينهما على ذلك. فيتوارثان به دون القرابة، وذلك قول اللَّه عز وجل: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ}، نسخ ذلك وصار التوارث بالإسلام والهجرة، فإذا كان له ولد ولم يهاجر ورثه المهاجرون دونه، بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا}، فكانوا يتوارثون بالإسلام والهجرة مع وجود النسب، ثم نسخ بالرحم والقرابة، بقول اللَّه تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} (٢).

ومن الأدلة ما رواه ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- قال: قال رسول اللَّه عليه الصلاة والسلام: (لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا) (٣). قال ابن حجر رحمه اللَّه: "أي:


(١) سنن أبي داود، كتاب الفرائض، باب نسخ ميراث العقد بميراث الرحم، رقم: ٢٩٢٤، قال الألباني في صحيح سنن أبي داود، ٦/ ٤٢٤: حسن صحيح، والبيهقي في السنن الكبرى، ٦/ ٢٦٢، رقم: ١٢٣٠٧.
(٢) انظر: المبسوط، ٢٧/ ١٣٣، وحاشية ابن عابدين، (رد المحتار على الدر المختار)، محمد أمين عمر ابن عابدين، دار الكتب العلمية: بيروت، ط ١، د. ت، ٦/ ٧٦٨، والاستذكار، يوسف بن عبد اللَّه بن عبد البر الأندلسي، تخريج: عبد المعطي أمين قلعجي، دار قتيبة: دمشق - بيروت، دار الوعي: حلب - القاهرة، ط ١، ١٤١٤ هـ، ٥/ ٣٦٦، والمغني، ٦/ ٢٠٥، والفروع، ٥/ ٣٥، والمحلى، ١١/ ٢٠٣، الأموال، ١/ ٢٧٥.
(٣) أخرجه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب فضل الجهاد والسير، رقم: ٢٦٣١، ومسلم، باب المبايعة بعد فتح مكة على الإسلام والجهاد والخير، رقم: ١٣٥٣.

<<  <   >  >>