للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إبراهيم، ويبقى في الأرض شرار أهلها، تلفِظهم أرَضوهم، تقذَرهم نَفْسُ اللَّه (١)، وتحشرهم النار مع القردة والخنازير) (٢).

وإن كان موضوع هذا المطلب هو الهجرة الظاهرة أو الحسية، إلا أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أشار إلى أهمية الهجرة الباطنة أو المعنوية وهي واجبة على كل مسلم بترك ما تدعو إليه النفس الأمارة بالسوء والشيطان (٣)، بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (المُسْلِمُ من سَلِمَ المُسْلِمُونَ من لِسَانِهِ وَيَدِهِ وَالمُهَاجِرُ من هَجَرَ مَا نَهَى اللَّه عَنْهُ) (٤)، و"قيل خص المهاجر بالذكر تطييبا لقلب من لم يهاجر من المسلمين لفوات ذلك بفتح مكة، فأعلمهم أن من هجر ما نهى اللَّه عنه كان هو المهاجر الكامل، ويحتمل أن يكون ذلك تنبيها للمهاجرين أن لا يتكلوا على الهجرة فيقصروا في العمل" (٥)، كما أن الحديث يتضمن تنبيه من عجز عن الهجرة الحسية من المستضعفين بضرورة الهجرة المعنوية حتى يتسنى له الهجرة الحسية.


(١) قال القاري رحمه اللَّه: "من التمثيلات المركبة التي لا تطلب لمفرداته ممثلًا ومُمثلًا به، مثل: شابت لمة الليل، وقامت الحرب على ساق، ثم اعلم أن قوله: تقذرهم بفتح الذال المعجمة من قذرت الشيء بالكسر، أي: كرهته، ونفس اللَّه بسكون الفاء، أي: ذاته"، مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، علي سلطان القاري، تحقيق: جمال عيتاني، دار الكتب العلمية: بيروت، ط ١، د. ت، ١١/ ٤٠٧.
(٢) أخرجه أحمد، ٢/ ٨٤، رقم: ٥٥٦٢، وأبو داود، باب في سكنى الشام، رقم: ٢٤٨٢، والحاكم في المستدرك، ٤/ ٥٥٦، رقم: ٨٥٥٨، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه فقد اتفقا جميعا على أحاديث موسى بن علي بن رباح اللخمي ولم يخرجاه".
(٣) انظر: فتح الباري، ١/ ٥٤.
(٤) أخرجه البخاري، كتاب الإيمان، باب المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، رقم: ١٠.
(٥) فتح الباري، ١١/ ٣١٩.

<<  <   >  >>