للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٦ - ألا يخالف الفعل أصلًا من أصول الشريعة الإسلامية ومبادئها العامة (١).


(١) قال الشاطبي رحمه اللَّه: "إنما عنى الفقهاء بتقرير الحدود والأحكام الجزئيات التي هي مظان التنازع والمشاحة والأخذ بالحظوظ الخاصة، والعمل بمقتضى الطوارىء العارضة، وكأنهم واقفون للناس في اجتهادهم على خط الفصل بين ما أحل اللَّه وما حرم، حتى لا يتجاوزوا ما أحل اللَّه إلى ما حرم، فهم يحققون للناس مناط هذه الأحكام بحسب الوقائع الخاصة، حين صار التشاح ربما أدى إلى مقاربة الحد الفاصل، فهم يزعونهم عن مقاربته ويمنعونهم عن مداخلة الحمى، وإذا زل أحدهم يبين له الطريق الموصل إلى الخروج عن ذلك في كل جزئية آخذين بحجزهم تارة بالشدة، وتارة باللين، فهذا النمط هو كان مجال اجتهاد الفقهاء، وإياه تحروا. وأما سوى ذلك مما هو من أصول مكارم الأخلاق فعلًا وتركًا، فلم يفصلوا القول فيه؛ لأنه غير محتاج إلى التفصيل، بل الإنسان في أكثر الأمر يستقل بإدراك العمل فيه، فوكلوه إلى اختيار المكلف واجتهاده؛ إذ كيف ما فعل فهو جار على موافقة أمر الشارع ونهيه، وقد تشبه فيه أمور، ولكن بحسب قربها من الحد الفاصل، فتكلم الفقهاء عليها من تلك الجهة فهو من القسم الأول، فعلى هذا كل من كان بعده من ذلك الحد أكثر كان إغراقه في مقتضى الأصول الكلية أكثر. . . فالحاصل من هذه الجملة أن النظر في الكليات يشارك الجمهور فيه العلماء على الجملة، وأما النظر في الجزئيات فيختص بالعلماء، واستقراء ما تقدم من الشريعة يبينه"، الموافقات، ٤/ ٢٣٦ - ٢٣٨.

<<  <   >  >>