للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قبول قولهم وتدعو النفوس إلى موافقتهم وتمنعهم وغيرهم من إظهار الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر أشد ضررًا للأمة وضررًا عليهم من إظهار غيرهم لذلك" (١).

ولذا وجب التنبيه على ذلك الأمر، ولا يعني هذا أنهم معصومون من الخطأ والزلل أو أنهم لا يباح لهم الترخص عند الاضطرار، أو أنهم لا يقع عليهم الاستضعاف، إنما المراد التفريق بين حالة العالم المستضعف وبين غيره من عوام الناس، خاصة عندما يتعلق استضعافه بالأمور التي تتعدى إلى غيره، وذلك لتأثيره الكبير، ويقاس على العالم في هذا الأمر تحديدًا كل من كان قدوةً أو متبوعًا كالأمير والقائد ونحوه، "إذ بهم تزل الأقدام، فالعالم يُقتدى به، والإمام تعتقد العامة وجوب طاعته، حتى في غير طاعة، والمتعبد يعظم الاعتقاد فيه" (٢)، ولهذا فقد رجح الكثير من أهل العلم أن المراد بأولي الأمر في قوله تعالى: {وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (٣)، الأمراء والعلماء (٤)، وإن كان الأمراء إنما يُطاعون إذا أمروا


(١) الفتاوى، ٢٨/ ١٨٧ - ١٨٨.
(٢) فيض القدير، ١/ ٥٢.
(٣) سورة النساء، الآية [٥٩].
(٤) انظر: تفسير القرآن العظيم، ٢/ ٣٤٥، وجامع البيان عن تأويل آي القرآن، ١٠/ ٣٤١، وإعلام الموقعين، ٢/ ٢٤٠، وقال ابن كثير في تفسيره، ٤/ ١٣٨: "فإن الناس عالة على العلماء، وعلى العُبَّاد، وعلى أرباب الأموال، فإذا فسدت أحوال هؤلاء فسدت أحوال الناس". قال الشاطبي في الموافقات، ١/ ١٤٠: "زلة العالم في علمه أو عمله إذا لم تتعد لغيره في حكم زلة غير العالم فلم يزد فيها على غيره، فإن تعدت إلى غيره اختلف حكمها، وما ذلك إلا لكونها جزئية إذا اختصت به ولم تتعد إلى غيره، فإن تعدت صارت كلية بسبب الاقتداء والاتباع على ذلك الفعل أو على مقتضى القول، فصارت عند الاتباع عظيمة جدا، ولم تكن كذلك على فرض اختصاصها به، ويجري مجراه كل من علم عملا فاقتدى به فيه".

<<  <   >  >>