للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بمقتضى العلم، فطاعتهم تبع لطاعة العلماء، وهي تبع لطاعتهم للَّه عز وجل ورسوله عليه الصلاة والسلام.

كما رجح بعض المفسرين أن المراد بقوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (١)، بأنهم العلماء على وجه الخصوص (٢).

ولا شك أن وقوع العالم في الاستضعاف إن كان ظاهرًا للناس، كأن يقع في الأسر أو السجن أو نحوه، فإن فتنة الناس فيما يصدر عنه أقل من فتنتهم بما يصدر عنه إن لم يكن استضعافه ظاهرًا لهم، وذلك لأن "دلالة الأحوال يختلف بها دلالة الأقوال في قبول دعوى ما يُوافقها، ورد ما يُخالفها، ويترتب عليها الأحكام بمجردها، ويتخرج عليه مسائل منها. . . لو تلفظ الأسير بكلمة الكفر، ثم ادعى أنه كان كُرهًا، فالقول قوله؛ لأن الأسر دليل الإكراه والتقية" (٣)، فإن عُرف أن العالم مُستضعف فينبغي التعاطي بحذر مع ما يصدر عنه، وعدم قبوله على إطلاقه، خاصة إن خالف أقواله واجتهاداته وأفعاله السابقة لاستضعافه.


(١) سورة آل عمران، الآية [١٠٤].
(٢) انظر: تفسير أبو السعود، ٢/ ٦٧، ومفاتيح الغيب، ٨/ ١٤٦، وقال: "هذه الآية مشتملة على الأمر بثلاثة أشياء الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومعلوم أن الدعوة إلى الخير مشروطة بالعلم بالخير وبالمعروف وبالمنكر فإن الجاهل ربما عاد إلى الباطل وأمر بالمنكر ونهى عن المعروف وربما عرف الحكم في مذهبه وجهله في مذهب صاحبه فنهاه عن غير منكر وقد يغلظ في موضع اللين ويلين في موضع الغلظة وينكر على من لا يزيده إنكاره إلا تماديًا فثبت أن هذا التكليف متوجه على العلماء ولا شك أنهم بعض الأمة".
(٣) القواعد لابن رجب، عبد الرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي، مكتبة نزار الباز: مكة المكرمة، ط ٢، ١٩٩٩ م، ١/ ٣٧٠.

<<  <   >  >>