للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث؛ فلسيت من الشريعة" (١).

٣ - أن يكون ارتكاب المستضعف للمحظور أقل ضررًا من الأخذ بالعزيمة:

ويعرف ذلك بالأخذ بقاعدة المصالح والمفاسد، وبالنظر لأخفهما وأغلظهما (٢)، ويسبق هذا ألا يكون هنالك من سبيل لدرء المفسدة إلا الوقوع في المحظور، ومن القواعد التي قررها أهل العلم: "درء المفاسد أولى من جلب المصالح، فإذا تعارض مفسدة ومصلحة، قدم دفع المفسدة غالبًا؛ لأن اعتناء الشارع بالمنهيات أشد من اعتنائه بالمأمورات" (٣)، ومن صيغ هذه القاعدة: "المحرم إذا عارضه الواجب قدم على الواجب؛ لأن رعاية درء المفاسد أولى من رعاية حصول المصالح" (٤)، والسبب في هذا لأن المصالح لم تشرع في الحقيقة إلا لدفع الضرر أيضًا (٥).

وأما إن اجتمعت المفاسد على المستضعف "فإن أمكن درؤها درأنا، وإن تعذر درء الجميع درأنا الأفسد فالأفسد" (٦)، ومثلها قاعدة: "درء المفسدة العليا أولى من درء غيرها" (٧)، ومثلها قاعدة: "تقديم المصلحة الراجحة على المفسدة الخفيفة" (٨)، وأيضًا


(١) إعلام الموقعين، ٣/ ٣.
(٢) انظر: المنثور، ٢/ ٣٢١.
(٣) الأشباه والنظائر، ١/ ٨٧، وانظر: شرح القواعد الفقهية، أحمد بن محمد الزرقا، دار القلم: دمشق، ط ٢، ١٤٠٩ هـ، ١/ ٢٠٦، ودرر الحكام، ١/ ٣٧.
(٤) الفروق، ٤/ ٣٧٠.
(٥) شرح القواعد الفقهية، ١/ ١٦٥.
(٦) قواعد الأحكام في مصالح الأنام، ١/ ٧٩.
(٧) المدخل لابن بدران، ١/ ٢٩٨.
(٨) فتح الباري، ١/ ١٧٢.

<<  <   >  >>