للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قاعدة: "تقديم المصلحة الراجحة على المفسدة المرجوحة أو البعيدة" (١).

فمن المقرر عند أهل العلم: أن "الضرورات لا تبيح كل المحظورات، بل يجب أن تكون المحظورات دون الضرورات، أما إذا كانت الممنوعات أو المحظورات أكثر من الضرورات فلا يجوز إجراؤها ولا تصبح مباحة" (٢)، ومن هنا جاءت القواعد الفقهية المقيدة لقاعدة الضرورة، ومنها: الضرر لا يزول بضرر آخر، ومن باب أولى ألا يزال بأكثر منه، إذ يشترط بأن يزال الضرر بلا إضرار بالغير إن أمكن، وإلا فبأخف منه (٣).

فـ "الضروريات تبيح المحظورات بشرط عدم نقصانها عنها" (٤)؛ لكون الضرورة في حقيقتها هي تعارض مصلحتين ومفسدتين على أمر واحد، فنرجح المصلحة الأكبر، وندفع المفسدة الأشد، فإن كانت مصلحة الالتزام بالحكم الأصلي أولى من مصلحة إزالة الضرورة، فلا يعتد بتلك الضرورة، ولا اعتبار لها، كمن أكره على قتل غيره (٥).

ومما يدخل في هذا أيضًا تقديم مصلحة الجماعة على مصلحة الفرد (٦)، فإن المفسدة الواقعة على الفرد هي الأدنى، والمفسدة الواقعة على الجماعة هي الأعلى.


(١) أضواء البيان، ٧/ ٤٩٧، ومثل لها بقوله: "أن تخليص أسارى المسلمين من أيدي العدو بالفداء مصلحة راجحة، قدمت على المفسدة المرجوحة، التي هي انتفاع العدو بالمال المدفوع لهم فداء للأسارى".
(٢) درر الحكام، ١/ ٣٤.
(٣) انظر: المدخل لابن بدران، ١/ ٢٩٨، والأشباه والنظائر، ١/ ٨٦، ودرر الحكام، ١/ ٣٥، وشرح القواعد الفقهية، ١/ ١٩٥.
(٤) الأشباه والنظائر، ١/ ٨٤.
(٥) انظر: نظرية الضرورة، ص ٢٠٤ - ٢٠٥.
(٦) انظر: سبل السلام شرح بلوغ المرام من أدلة الأحكام، محمد بن إسماعيل الصنعاني، تحقيق: محمد الخولي، دار إحياء التراث العربي: بيروت، ط ٤، ١٣٧٩ هـ، ٣/ ٢٢، والموافقات، ٢/ ٣٦٧.

<<  <   >  >>