للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فرد القوم عليه بقولهم: {قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى} (١) أي: لا نترك عبادته حتى نسمع كلام موسى فيه، وخالفوا هارون في ذلك وحاربوه وكادوا أن يقتلوه، ولما رجع موسى عليه السلام غضب على هارون عليه السلام، وقال له: هلا قاتلتهم وقد علمت أني لو كنت فيهم لقاتلتهم على كفرهم، وقيل: أن لا تتبعني، أي ما منعك من اللحوق بي وإخباري بضلالتهم فتكون مفارقتك إياهم تقريعا وزجرا لهم عما أتوه، فاعتذر هارون عليه السلام بأنه خشي لو أنكر عليهم أن يصيروا حزبين يقتل بعضهم بعضا، فتقول أنت فرقت بين بني إسرائيل ولم تحفظ وصيتي حين قلت لك اخلفني في قومي وأصلح أي: ارفق بهم، وكان الإصلاح في حفظ الدماء والمدارة لهم (٢)، قال تعالى {قَالَ يَاهَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (٩٢) أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (٩٣) قَالَ يَبْنَؤُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي} (٣).

٢ - قال تعالى: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} (٤). " {إِنَّ فِرْعَوْنَ}: استكبر وتجبر وتعظم، {فِي الْأَرْضِ}: أرض مصر، {وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا}: فرقا وأصنافا في


(١) سورة طه، الآية [٩١].
(٢) انظر: تفسير القرآن العظيم، إسماعيل بن كثير، تحقيق: سامي بن محمد سلامة، الرياض: دار طيبة، ط ٢، ١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م، ٣/ ١٦٤، ومعالم التنزيل، الحسين بن مسعود البغوي، تحقيق: خالد العك، بيروت: دار المعرفة، ط ١، د. ت، ٣/ ٢٢٩، وأنوار التنزيل وأسرار التأويل (تفسير البيضاوي)، عبد اللَّه البيضاوي، بيروت: دار الفكر، ط ١، د. ت، ٤/ ٦٧.
(٣) سورة طه، الآيات [٩٢ - ٩٤].
(٤) سورة القصص، الآية [٤].

<<  <   >  >>