للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاستعانة بأهل الذمة في أمور المسلمين من العمالات والكتبة، ولهذا قال أحمد: لا يستعين الإمام بأهل الذمة على قتال أهل الحرب" (١).

ومن الأدلة قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا} (٢)، "واقتضت الآية النهي عن الاستنصار بالكفار والاستعانة بهم والركون إليهم والثقة بهم، وهو يدل على أن الكافر لا يستحق الولاية على المسلم بوجه ولدًا كان أو غيره، ويدل على أنه لا تجوز الاستعانة بأهل الذمة في الأمور التي يتعلق بها التصرف والولاية" (٣).

واستدل أصحاب هذا القول بأدلة من السنة النبوية منها:

ما روته عائشة -رضي اللَّه عنها- زوج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قالت: خرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قِبَلَ بدر فلما كان بِحَرَّةِ الْوَبَرَةِ أَدْرَكَهُ رَجُلٌ قد كان يُذْكَرُ مِنْهُ جُرْأَةٌ وَنَجْدَةٌ فَفَرِحَ أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حين رَأَوْهُ فلما أَدْرَكَهُ قال لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: جِئْتُ لِأَتَّبِعَكَ وَأُصِيبَ مَعَكَ، قال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: (تُؤْمِنُ باللَّه ورسوله)، قال: لا، قال: (فَارْجعْ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ) (٤)،


(١) زاد المسير، ١/ ٤٤٧.
(٢) سورة النساء، الآية [١٤٤].
(٣) أحكام القرآن للجصاص، ٣/ ٢٨٠.
(٤) قال ابن حزم رحمه اللَّه في شرحه للمراد بالمشرك: "والمشرك اسم يقع على الذمي والحربي"، المحلى، ١١/ ١١٣، وقال الخرشي في شرح مختصر خليل، ٣/ ١١٥: "والمراد بالمشرك الكافر، أي: مطلق الكافر لا من أشرك مع اللَّه غيره خاصة"، وخالف في ذلك الطحاوي رحمه اللَّه فقال: "المشركين الذين قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الآثار الأول: إنه لا يستعين بهم أولئك عبدة الأوثان، وهؤلاء أهل الكتاب الذين ذكرنا مباينة ما هم عليه وما عبدة الأوثان عليه"، شرح مشكل الآثار، أحمد بن محمد الطحاوي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة: لبنان، ط ١، ١٤٠٨ هـ، ٦/ ٤١٦، والأول أظهر وهو ما تدل عليه عموم النصوص في القرآن الكريم والسنة المطهرة.

<<  <   >  >>