للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأجابوا عن استدلال أصحاب القول الأول بحديث: (لن أستعين بمشرك)، بأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إنما قال ذلك لعلمه أن الرجلين يُسلمان إذا أبى ذلك عليهما، أو لأنه يخاف الغدر منهما لضعف كان بالمسلمين يوم بدر (١) كما قال اللَّه تعالى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ} (٢).

وقال الامام الشافعي رحمه اللَّه: "فليس واحد من الحديثين مخالفًا للآخر، وإن كان رده؛ لأنه لم ير أن يستعين بمشرك فقد نسخه ما بعده من استعانته بمشركين، فلا بأس أن يستعان بالمشركين على قتال المشركين إذا خرجوا طوعًا" (٣)، ويفهم من هذا اشتراط كونهم تابعين للمسلمين وتحت قيادتهم.

واشترط الحنفية الشافعية والحنابلة للجواز شروطًا وهي:

١ - أن تدعوا الحاجة لذلك (٤).

٢ - أن يعرف الإمام حسن رأيهم في المسلمين (٥).

٣ - أن يأمن الإمام خيانتهم (٦).


(١) انظر: المبسوط، ١٠/ ٢٣.
(٢) سورة آل عمران، الآية [١٢٣].
(٣) الأم، ٤/ ٢٦١.
(٤) جاء في حاشية قليوبي، ٤/ ٢١٨ قوله: "وسواء احتيج إليهم أو لا".
(٥) قال ابن القيم رحمه اللَّه: "الاستعانة بالمشرك المأمون في الجهاد جائزة عند الحاجة؛ لأن عينه الخزاعي كان كافرا إذ ذاك، وفيه من المصلحة أنه أقرب إلى اختلاطه بالعدو وأخذه أخبارهم"، زاد المعاد، ٣/ ٣٠١.
(٦) قال ابن قدامة رحمه اللَّه: "لأننا إذا منعنا الاستعانة بمن لا يؤمن من المسلمين مثل: المخذل والمرجف فالكافر أولى"، المغني، ٩/ ٢٠٧.

<<  <   >  >>