للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والفقهاء في عدد الطائفة من الواحد فصاعدًا، أو أربعة قياسًا على شهود الزنا (١)، قال ابن جرير رحمه اللَّه بعد أن أورد الاقوال في عدد الطائفة: "وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: أقل ما ينبغي حضور ذلك من عدد المسلمين الواحد فصاعدا؛ وذلك أن اللَّه عم بقوله: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ} (٢)، والطائفة قد تقع عند العرب على الواحد فصاعدا" (٣)، قال ابن حزم رحمه اللَّه: "فلما اختلفوا كما ذكرنا وجب أن ننظر في ذلك فوجدنا جميع الأقوال لا يُحتج بها، إلا قول مجاهد وابن عباس وهو أن الطائفة واحد فصاعدا، فوجدناه قولًا يوجبه البرهان من القرآن والإجماع واللغة، فأما القرآن فإن اللَّه تعالى يقول: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى} (٤) فبين تعالى نصًا جليًا أنه أراد بالطائفتين هنا الاثنين فصاعدًا بقوله في أول الآية: {اقْتَتَلُوا}، وبقوله تعالى: {فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى}، وبقوله تعالى في آخر الآية: {فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} (٥)، وبرهان آخر وهو أن اللَّه تعالى قال: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (٦) " (٧)، وبالتالي فإن حضور العدد القليل يفي بالغرض، ويقي الدولة الإسلامية من تبعات الاعلان عن هذا الأمر وعواقبه في حال ضعفها.


(١) انظر: أحكام القرآن للجصاص، ٥/ ١٠٦، ومفاتيح الغيب، ٢٣/ ١٣٠، والدر المنثور، ٦/ ١٢٦، وتفسير القرآن العظيم، ٣/ ٢٦٣، والجامع لأحكام القرآن، ١٢/ ١٦٦، ومواهب الجليل، ٦/ ٢٩٥، والمجموع، ٤/ ٣٦٣، والمغني، ٩/ ٤٦.
(٢) سورة النور، من الآية [٢].
(٣) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، ١٨/ ٧٠.
(٤) سورة الحجرات، من الآية [٩].
(٥) سورة الحجرات، من الآية [١٠].
(٦) سورة النور، من الآية [٢].
(٧) المحلى، ١١/ ٢٦٤.

<<  <   >  >>