للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(الإِيمَانُ قَيَّدَ الْفَتْكَ لا يَفْتِكُ مُؤْمِنٌ) (١)، ومعنى الحديث أن الإيمان يمنع من الفتك الذي هو فجأة القتل بعد الأمان غدرًا كما يمنع القيد من التصرف (٢)، وسبب النهي عن الفتك؛ لأنه متضمن للمكر والخديعة (٣)، وفي تسليم المسلم للكفار فتك به.

الفرع الثالث: الأدلة من عمل الصحابة -رضي اللَّه عنهم-:

١ - عندما فر جماعة من عسكر الفرس والتجؤوا إلى عسكر المسلمين قبيل معركة القادسية، بعث رستم رسولًا إلى سعد بن أبي وقاص يطلب منه أن يرد عليه الذين هربوا، فقال سعد -رضي اللَّه عنه-: (إنا قوم لا نضيع ذمامنا ولا ننقض عهدنا، وقد أتوا إلينا مستسلمين وفي صحبتنا راغبين، فيجب علينا أن نذب عنهم ولا نمكن أحدًا منهم، فعاد الرسول إلى رستم وأعاد عليه الجواب فغضب وأمر الجيوش بالزحف) (٤)، فالفرس كانوا في حالة حرب مع المسلمين ومع هذا طلبوا من المسلمين أن يسلموهم من أسلم منهم فأبوا وامتنعوا بل وكان الرد صريحًا وواضحًا من قبل المسلمين. ولا يستبعد أن يكون عمر وبقية الصحابة -رضي اللَّه عنهم- قد علموا بهذه القصة فتكون في حكم الإجماع أو اتفاق الأمة.


(١) الاستذكار، ١٤/ ٨٤، والحديث أخرجه: الحاكم في المستدرك، كتاب الحدود، رقم: ٨٠٣٧، وقال: "صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، وأبو داود، كتاب الجهاد، باب في العدو يؤتى على غرة ويتشبه بهم، رقم: ٢٧٦٩، قال الألباني في صحيح سنن أبي داود، ٢/ ١٧٨: صحيح، وأحمد في المسند، ١/ ١٦٦.
(٢) انظر: معالم السنن شرح سنن أبي داود، حمد بن محمد الخطابي، المطبعة العلمية: حلب، ط ١، ١٣٥١ هـ، ٢/ ٢٩١، وعون المعبود، ٧/ ٣٢٣.
(٣) انظر: فيض القدير، ٣/ ١٨٦.
(٤) انظر: فتوح الشام، عبد اللَّه بن محمد الواقدي، دار الجيل: بيروت، ط ١، د. ت، ٢/ ١٨٨: "سميت القادسية لأنها نزلها قوم من أهل قادس من أرض خراسان"، معجم ما استعجم، عبد اللَّه البكري الأندلسي، تحقيق: مصطفى السقا، دار عالم الكتب: بيروت، ط ٣، ١٤٠٣ هـ، ١/ ٢٧٠.

<<  <   >  >>