للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الونشريسي (١) وغيره (٢) الإجماع على هذا، فقال: "الهجرة باقية لازمة إلى يوم القيامة، واجب بإجماع المسلمين على من أسلم بدار الحرب، أن لا يقيم بها حيث تجرى عليه أحكام المشركين، وأن يهجرها ويلحق بدار المسلمين حيث تجرى عليه أحكامهم" (٣)، وقال في موضع آخر: "الهجرة من أرض الكفر إلى أرض الإسلام فريضة إلى يوم القيامة وكذلك الهجرة من أرض الحرام والباطل بظلم أو فتنة" (٤).

وقد استدل الفقهاء لعدم جواز الإقامة في دار الحرب بما يلي:

١ - عموم الآيات الواردة في وجوب الهجرة ومنها قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا} (٥)، وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (٦)، قال ابن كثير رحمه اللَّه: "هذه الآية الكريمة عامة في كل من أقام بين ظهراني المشركين وهو قادر على الهجرة وليس متمكنا من إقامة الدين، فهو ظالم لنفسه مرتكب حراما بالإجماع وبنص هذه الآية" (٧).


(١) أحمد بن يحيى بن محمد الونشريسي التلمساني، أبو العباس، ولد سنة ٨٣٤ هـ، فقيه مالكي من علماء تلمسان إلا أن حكومتها نقمت عليه فصادرت داره وفر إلى فاس سنة ٨٧٤ هـ حتى مات بها سنة ٩١٤ هـ، ومن أبرز مؤلفاته: إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك، والمعيار المعرب عن فتاوى علماء إفريقية والأندلس وبلاد المغرب. انظر: الأعلام، ١/ ٢٦٩، ومعجم المؤلفين، ٢/ ٢٠٥.
(٢) انظر: تفسير القرآن العظيم، ١/ ٥٤٣.
(٣) أسنى المتاجر، ١/ ٣٠.
(٤) ١/ ٢٥.
(٥) سورة الأنفال، من الآية [٧٢].
(٦) سورة النساء، الآية [٩٧].
(٧) تفسير القرآن العظيم، ١/ ٥٤٣.

<<  <   >  >>