للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن إظهار دينه، ويفهم من هذا أن غيره لا تجب عليه، وعللوا للاستحباب بما علل به أصحاب القول الأول وهو ألا يكثر سواد الكفار، وخشية الميل لهم أو أن يكيدوا له (١)، وأما الأحاديث الواردة في النهي عن المقام بين أظهر المشركين فحملوها على من لم يأمن دينه عندهم (٢).

الرأي الثاني: عدم جواز الإقامة في دار الكفر، وهو رأي المالكية، ونقل عن الإمام مالك أنه كره السفر إلى بلاد الحرب للتجارة كراهية شديدة، وقال: "لا يخرج إلى بلادهم حيث تجري أحكام الشرك عليه" (٣)، بل ومنع من بيع كل ما هو قوة على أهل الإسلام مما يتقوون به في حروبهم مما يعلم أنه قوة في الحرب، واستثنوا من هذا الدخول إليها لمصلحة المسلمين كمفاداة أسير عندهم، أو من دخلها من دون قصد كمن ضل عن الطريق أو أدخلته الريح غلبة (٤).

قال ابن قدامة رحمه اللَّه: "فالناس في الهجرة على ثلاثة أضرب:

أحدها: من تجب عليه، وهو من يقدر عليها، ولا يمكنه إظهار دينه، ولا يمكنه إقامة واجبات دينه، مع المقام بين الكفار، فهذا تجب عليه الهجرة. . .؛ لأن القيام بواجب دينه واجب على من قدر عليه، والهجرة من ضرورة الواجب وتتمته وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.


(١) انظر: المهذب، ٢/ ٢٢٦، وروضة الطالبين، ١٠/ ٢٨٢، ومغني المحتاج، ٤/ ٢٣٩، وكشاف القناع، ٣/ ١١٠.
(٢) انظر: فتح الباري، ٦/ ٣٩.
(٣) المدونة الكبرى، ١٠/ ٢٧٠.
(٤) انظر: شرح مختصر خليل، ٧/ ١٩٤، ومواهب الجليل، ٢/ ٥١٨.

<<  <   >  >>