للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بمكة أن يقيموا بها بعد إسلامهم، منهم العباس ابن عبد المطلب) (١) وغيره، إذا لم يخافوا الفتنة.

وكان عليه الصلاة والسلام يأمر جيوشه أن يقولوا لمن أسلم: (إن هاجرتم فلكم ما للمهاجرين وإن أقمتم فأنتم كأعراب، وليس يخيرهم إلا فيما يحل لهم) (٢).

إلا أنه يشترط لهذا الجواز ما يلي:

١ - تحقق الاستضعاف في البلد المسلم الذي سوف يفارقه.

٢ - أن يتعذر عليه الهجرة إلى بلد إسلامي، أو أن تكون نتيجة هجرته للبلد الإسلامي مساوية لبقائه في بلده من حيث الاستضعاف الواقع عليه، قال ابن العربي رحمه اللَّه: "فإذا لم يوجد بلد إلا كذلك؟ قلنا: يختار المرء أقلها إثمًا، مثل أن يكون بلد به كفر، فبلد فيه جور


(١) العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي عم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أبو الفضل، ولد قبل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بسنتين وضاع وهو صغير فنذرت أمه إن وجدته أن تكسو البيت الحرير، فوجدته فكست البيت الحرير، فهي أول من كساه ذلك، وكان إليه في الجاهلية السقاية والعمارة، حضر بيعة العقبة مع الأنصار قبل أن يسلم، وشهد بدرا مع المشركين مكرها وكان يكتم إسلامه، فأسر فافتدى نفسه، وافتدى ابن أخيه عقيل بن أبي طالب، ورجع إلى مكة وصار يكتب إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالأخبار، ثم هاجر قبل الفتح بقليل، وشهد الفتح، وثبت يوم حنين، كما شهد الطائف وتبوك، وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: (من آذى العباس لقد آذاني، فإنما عم الرجل صنو أبيه)، أخرجه الترمذي، مات بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين، وكان طويلًا جميلًا أبيض، انظر: المستدرك على الصحيحين، ٣/ ٣٦٦، والإصابة في تمييز الصحابة، ٣/ ٦٣١، والاستيعاب في معرفة الأصحاب، ٢/ ٨١٢، والطبقات الكبرى، ٤/ ١٥، وشرح مشكل الآثار، ٨/ ٢٤٤، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، ١٠/ ٤٩، وتفسير القرآن العظيم، ٢/ ٣٢٨.
(٢) الأم، ٤/ ١٦١.

<<  <   >  >>