للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشريعة الإسلامية في معظمها، بل قد تعارضها أو تحاربها، إلا أن مشاركة المسلم حال الاستضعاف يترتب عليها تخفيف الشر والظلم، وأما ترك المشاركة فينتج عنها المزيد من الظلم والضرر والعديد من المفاسد، وليس من الحكمة ترك الأمر لأهل الباطل، دون أن يجدوا معارضًا، بل لو رشح كافران وكان أحدهما أقرب للمسلمين أو أخف ضررًا، والآخر شديد العداوة لوجب انتخاب الأول لدفع شر الآخر.

يتبين من خلال النظر في أقوال كل فريق وأدلته استدلالهم بأدلة عامة، كما أن هذه المسألة لا يمكن الجزم فيها برأي محدد، إذ يتغير الحكم فيها بحسب الزمان والمكان، وتقدير المصالح والمفاسد، إلا أن العلماء القائلين بجواز المشاركة في الحكم وضعوا شروطًا لذلك منها:

١ - ألا يترتب على المشاركة إقرار الكفر، أو المعاونة على الظلم، فينبغي أن يفوض إليه فعل لا يعارضه فيه، فيتمكن من الإصلاح والتغيير، وأما إذا كان عمله بحسب اختيار الفاجر وشهواته وفجوره فلا يجوز ذلك (١).

٢ - ألا يكون هنالك سبيل للإصلاح وللأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإزالة الفساد أو تخفيف الظلم ورفعه دون التعرض إلى الأذى والضرر إلا بتلك المشاركة (٢).


(١) انظر: الجامع لأحكام القرآن، ٩/ ٢١٥، وفيه: "للرجل الفاضل أن يعمل للرجل الفاجر والسلطان الكافر بشرط أن يعلم أنه يفوض إليه في فعل لا يعارضه فيه فيصلح منه ما شاء وأما إذا كان عمله بحسب اختيار الفاجر وشهواته وفجوره فلا يجوز ذلك"، وانظر: آيات للسائلين، د. ناصر العمر، مؤسسة الرسالة: بيروت، ط ١، ١٤٢٩ هـ، ص ٢٥٣.
(٢) انظر: تفسير البيضاوي، ٣/ ٢٩٥، والبحر المحيط، ٥/ ٣١٨، قال الزمخشري رحمه اللَّه: "وقد كان السلف يتولون القضاء من جهة البغاة ويرونه، وإذا علم النبي أو العالم أنه لا سبيل إلى الحكم بأمر اللَّه ودفع الظلم إلا بتمكين الملك الكافر أو الفاسق فله أن يستظهر به، وقيل: كان الملك يصدر عن رأيه ولا يعترض عليه في كل ما رأى فكان فى حكم التابع له والمطيع"، الكشاف، ٢/ ٤٥٥.

<<  <   >  >>