للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لاشتهار خبرهم، ودعا للمستضعفين في مكة فشمل دعاؤه عليه السلام الأسرى وكذلك من كان يكتم إيمانه ولم تعرف قريش أمر إسلامه.

٣ - وفي حديث الحديبية (١) قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: (يا أبا جَنْدَلٍ اصْبِرْ وَاحْتَسِبْ فإن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ جَاعِلٌ لَكَ وَلِمَنْ مَعَكَ من المُسْتَضْعَفِينَ فَرَجًا وَمَخْرَجًا، إنا قد عَقَدْنَا بَيْنَنَا وبين الْقَوْمِ صُلْحًا فَأَعْطَيْنَاهمْ على ذلك وَأَعْطَوْنَا عليه عَهْدًا وَإنَّا لن نَغْدِرَ بهم) (٢).

وقد جعل اللَّه عز وجل له وللمستضعفين معه فرجًا ومخرجًا بانحيازهم لأبي بصير -رضي اللَّه عنه-، فصار بإمكان المستضعفين التأثير على العدو أكثر من الدولة الإِسلامية القائمة في المدينة؛ لعدم دخولهم في الهدنة مع قريش، فكلما سمعوا بقافلة لقريش هاجموها, ولم يكن بإمكان قريش مهاجمتهم لعدم استقرارهم وسرعة تنقلهم، حتى ناشدت قريش النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلغاء شرط رد من يسلم إليها (٣).


(١) الحُدَيْبِية: بضم الحاء وفتح الدال وياء ساكنة وباء موحدة مكسورة وياء مخففة، اختلفوا فيها فمنهم من شددها ومنهم من خففها فروي عن الشافعي رحمه اللَّه أنه قال: الصواب تشديد الحديبية، وهي قرية متوسطة ليست بالكبيرة، تقع غربي مكة قريبة منها، سميت ببئر فيها، وقيل: بشجرة حدباء. انظر: معجم البلدان، ياقوت بن عبد اللَّه الحموي، بيروت: دار الفكر، ط ١، د. ت، ٢/ ٢٢٩.
(٢) أخرجه أحمد، ٤/ ٣٢٥، رقم: ١٨٩٣٠، قال شعيب الأرنؤوط: "إسناده حسن، محمد بن إسحاق وإن كان مدلسًا وقد عنعن، إلا أنه قد صرح بالتحديث في بعض فقرات هذا الحديث فانتفت شبهة تدليسه"، والبيهقي في السنن الكبرى، أحمد بن الحسين البيهقي، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، مكة المكرمة: مكتبة دار الباز، ط ١، ١٤١٤ هـ، ٩/ ٢٢٧، رقم: ١٨٦١١.
(٣) ففي حديث صلح الحديبية: (فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير حتى اجتمعت منهم عصابة، فواللَّه ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لها فقتلوهم وأخذوا أموالهم، فأرسلت قريش إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- تناشده باللَّه والرحم لما أرسل فمن أتاه فهو آمن فأرسل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. . .)، أخرجه البخاري، كتاب الشروط، باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب، رقم: ٢٥٨١.

<<  <   >  >>