للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولقد رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأخذته قريش فهذا يجأ وهذا يتلتله (١)، وهم يقولون: أنت الذي جعلت الآلهة إلاهًا واحدا، قال: فواللَّه ما دنا منه أحد إلا أَبو بكر يضرب هذا ويجاء هذا ويتلتل هذا، وهو يقول: ويلكم أتقتلون رجلَا أن يقول ربي اللَّه، ثم رفع علي بردة كانت عليه فبكى حتى أخضلت لحيته، ثم قال: أنشدكم باللَّه أمؤمن آل فرعون خير أم أبو بكر؟ فسكت القوم، فقال: ألا تجيبوني، فواللَّه لساعة من أبي بكر خير من ملء الأرض من مؤمن آل فرعون، ذاك رجل كتم إيمانه، وهذا رجل أعلن إيمانه) (٢).


(١) وجأ الوجء اللكز، ووجأه باليد والسكين، وجأ مقصور ضربه ووجأ في عنقه كذلك، انظر: لسان العرب، مادة: وجأ. والتلتلة: الحركة، يقال: فلان يتلتل فلانًا إذا عنف بسوقه، انظر: جمهرة اللغة، محمد بن الحسن بن دريد، تحقيق: رمزي بعلبكي، دار العلم للملايين: بيروت، ط ١، ١٩٨٧ م، ١/ ١٧٩، مادة: تلتل.
(٢) مسند البزار، ٣/ ١٥، وقال: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن علي إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد"، قال في مجمع الزوائد، ٩/ ٤٧: "وفيه من لم أعرفه"، والبداية والنهاية، ٣/ ٢٧٢، وقصة أبي بكر وردت بطولها في تاريخ مدينة دمشق، ٣٠/ ٤٧، والسيرة الحلبية، ١/ ٤٧٥، وفيها: "أن الصديق -رضي اللَّه عنه- ألح على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالظهور، فقال له: إنا قليل، فلم يزل يلح حتى خرج الرسول والصحابة للمسجد وعددهم تسعة وثلاثون وقام أَبو بكر خطيبًا فكان أول خطيب دعا إلى اللَّه عز وجل وإلى رسوله، وثار المشركون عليه وعلى المسلمين وضرب من عتبة بن ربيعة ضربًا شديدًا حتى صار لا يعرف أنفه من وجهه، فجاءت بنو تيم فخلصوه وحملوه وهم لا يشكون في موته، ثم رجعوا فدخلوا المسجد وقالوا: واللَّه لئن مات أَبو بكر لنقتلن عتبة، ورجعوا إلى أبي بكر فجعل أَبو قحافة وبنو تيم يكلمون أبا بكر حتى أجابهم فتكلم آخر النهار، وكانت هذه الحادثة سبب إسلام أمه أم الخير -رضي اللَّه عنها-، وكان حمزة بن عبد المطلب أسلم يوم ضرب أَبو بكر فدعا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لعمر بن الخطاب وأبي جهل بن هشام فأصبح عمر، وكانت الدعوة يوم الأربعاء، فأسلم عمر يوم الخميس، فكبر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- والمسلمون في بيت الأرقم تكبيرة سمعت بأعلى مكة).

<<  <   >  >>