للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن حجر رحمه اللَّه معلقًا على هذه القصة: "وكأنه فهم أن أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- له بالكتمان ليس على الإيجاب، بل على سبيل الشفقة عليه، فأعلمه أن به قوة على ذلك، ولهذا أقره النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على ذلك، ويؤخذ منه جواز قول الحق عند من يخشى منه الأذية لمن قاله، وإن كان السكوت جائزًا، والتحقيق أن ذلك مختلف باختلاف الأحوال والمقاصد، وبحسب ذلك يترتب وجود الأجر وعدمه" (١).

يتبين مما مضى أن إظهار الشعائر حال الاستضعاف يرتبط بأمور منها:

١ - قوة إيمان الشخص وقدرته على الصبر، وتحمل تبعات إظهاره للشعائر.

٢ - وجود الأعوان أو الحماية سواءً أكانت من مسلم أو كافر.

٣ - أن يكون في الإظهار إعزاز لدين اللَّه.

قال ابن تيمية رحمه اللَّه: "وقد تكون الغربة في بعض شرائعه، وقد يكون ذلك في بعض الأمكنة، ففي كثير من الأمكنة يخفى عليهم من شرائعه ما يصير به غريبًا بينهم، لا يعرفه منهم إلا الواحد بعد الواحد، ومع هذا فطوبى لمن تمسك بتلك الشريعة كما أمر اللَّه ورسوله، فإن إظهاره والأمر به والإنكار على من خالفه هو بحسب القوة والأعوان" (٢)، قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ) (٣).

* * *


(١) فتح الباري، ٧/ ١٧٥.
(٢) الفتاوى، ١٨/ ٢٩٨.
(٣) أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان، رقم: ٤٩.

<<  <   >  >>