للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمعنى الاصطلاحي لا يخرج عن المعنى اللغوي، قال ابن القيم رحمه اللَّه: "المعاريض وهي: أن يتكلم الرجل بكلام جائز يقصد به معنى صحيحًا ويوهم غيره أنه يقصد به معنى آخر" (١)، وعرفت بأنها: " إضمار أمر وراء ما دل الظاهر عليه إما بزيادة أو نقصان أو تقييد مطلق أو تخصيص عام مع أنه لا ينبه السامع على أنه نوى ذلك لأنه لو نبهه عليه لما حصل المقصود" (٢).

وقد اعتبرها ابن تيمية وابن القيم -رحمهما اللَّه- نوعًا من الحيل في الخطاب (٣)، وصرح ابن القيم أن معاريض الفعل هى الحيل، وذهب الحافظ ابن حجر إلى أن المعاريض بالفعل أولى بالجواز (٤).

ودليل مشروعيتها ما ورد عن عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- إنه قال: (ما في المعاريض ما يغني الرجل عن الكذب) (٥)، وفي رواية: (إن في المعاريض ما يكف، أو يعف الرجل


(١) إعلام الموقعين، ٣/ ٢٣٤، وبقية كلامه: "فيكون سبب ذلك الوهم كون اللفظ مشتركًا بين حقيقتين لغويتين أو عرفيتين أو شرعيتين أو لغوية مع إحداهما أو عرفية مع إحداهما أو شرعية مع أحداهما فيعنى أحد معنييه ويوهم السامع له أنه إنا عنى الآخر، إما لكونه لم يعرف إلا ذلك، وإما لكون دلالة الحال تقتضيه، وإما لقرينة حالية، أو مقالية يضمها إلى اللفظ، أو يكون سبب التوهم كون اللفظ ظاهرًا في معنى، فيعنى به معنى يحتمله باطنًا، بأن ينوى مجاز اللفظ دون حقيقته، أو ينوي بالعام الخاص أو بالمطلق المقيد، أو يكون سبب التوهم كون المخاطب إنما يفهم من اللفظ غير حقيقته لعرف خاص به، أو غفلة منه أو جهل أو غير ذلك من الأسباب، مع كون المتكلم إنما قصد حقيقته"، وانظر: الفتاوى الكبرى، ٣/ ٢٠٥.
(٢) المحصول، ١/ ١٧٩.
(٣) انظر: الفتاوى الكبرى، ٣/ ٢٠٥، وإعلام الموقعين، ٣/ ١٩٠.
(٤) انظر: فتح الباري، ٣/ ٤٧٠.
(٥) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، باب المعاريض فيها مندوحة عن الكذب، رقم: ٢٠٦٣٠، ١٠/ ١٩٩.

<<  <   >  >>