للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن الكذب) (١).

وقد بوب البخاري "باب المَعارِيضُ مَنْدُوحَةٌ عَنِ الكَذِبِ" (٢)، أي: سعة وفسحة، من الندح وهو الأرض الواسعة، يقال: ندحت الشيء إذا وسعته، وإنك لفي ندحة ومندوحة من كذا أي سعة، يعني أن في التعريض بالقول من الاتساع ما يغني الرجل عن تعمد الكذب (٣)، "وفي ذلك طريقان أحدهما أن يتكلم بكلمة ويريد بها غير ما وضعت له الكلمة من حيث الظاهر إلا أن ما أراده يكون من محتملات لفظه الطريق الثاني أن يقيد الكلام بلعل وعسى وذلك بمنزلة الاستثناء يخرج الكلام به من أن يكون عزيمة" (٤).

كما دل على جواز المعاريض، ما رواه أَبو هريرة -رضي اللَّه عنه- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لم يَكْذِبْ إبراهيم النَّبِيُّ عليه السلام قَطُّ إلا ثلاث كَذَبَاتٍ، ثِنْتَيْنِ فِي ذَاتِ اللَّهِ (٥) قوله: {إِنِّي سَقِيمٌ} (٦)، وقوله: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} (٧)، وواحدة في شأن سارة، فإنه قَدِمَ أرض جَبَّارٍ ومعه سارة وكانت أَحْسَنَ الناس، فقال لها: إن هذا الجبار إن يعلم إنك امراتي يَغْلِبْنِى عليك، فإن سَألَكِ فَأَخْبِرِيهِ أَنَّكِ أُخْتِي، فَإِنَّكِ أُخْتِي في الإسلام، فإني لا أعلم في الأرض


(١) أخرجه ابن أبى شيبة في المصنف، ٥/ ٢٨٢، رقم: ٢٦٠٩٥.
(٢) قال ابن حجر رحمه اللَّه في تغليق التعليق، ٥/ ١١٨: "هذا طرف من حديث أسنده المؤلف في الجنائز من حديث ابن عيينة عن إسحاق".
(٣) انظر: النهاية في غريب الأثر، ٥/ ٣٤، وفيض القدير، ٢/ ٤٧٢.
(٤) الفتاوى الهندية، لجنة علماء برئاسة نظام الدين البلخي، دار الفكر: بيروت، ط ١، ١٤١١ هـ، ٦/ ٤٣٦.
(٥) "خصهما بذلك؛ لأن قصة سارة وإن كانت أيضًا في ذات اللَّه، لكن تضمنت حظا لنفسه ونفعا له"، فتح الباري، ٦/ ٣٩٢.
(٦) سورة الصافات، الآية [٨٩].
(٧) سورة الأنبياء، الآية [٦٣].

<<  <   >  >>