للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} (١)، قال الجصاص رحمه اللَّه: "الخوف على المال والولد لا يبيح التقية في إظهار الكفر، وأنه لا يكون بمنزلة الخوف على نفسه؛ لأن اللَّه نهى المؤمنبن عن مثل ما فعل حاطب مع خوفه على أهله وماله. . . ويدل على أن الخوف على المال والأهل لا يبيح التقية، أن اللَّه فرض الهجرة على المؤمنين، ولم يعذرهم في التخلف لأجل أموالهم وأهلهم" (٢).

ويحسن الإشارة إلى أن النظر في مثل هذه المسائل يكون لأمرين، الأول: الأمر المطلوب من المستضعف، والثاني نتيجة الرفض أو الإذعان، فكلما كان الأمر المطلوب عظيمًا تشدد في إجازته، وإن كان إذعانه أو رفضه سيؤدي إلى نفس النتيجة فإن رفضه هو الأولى، قال ابن تيمية رحمه اللَّه: "تأملت المذهب فوجدت الإكراه يختلف باختلاف المكره عليه، فليس الإكراه المعتبر في كلمة الكفر كالإكراه المعتبر في الهبة ونحوها، فإن أحمد قد نص في غير موضع على أن الإكراه على الكفر لا يكون إلا بتعذيب من ضرب أو قيد، ولا يكون الكلام إكراها" (٣).

[المسألة الخامسة: هل الرخصة في القول أم القول والفعل؟]

ذهبت طائفة من العلماء كالحسن البصري والأوزاعي وبعض المالكية إلى أن الرخصة إنما جاءت في القول وأما في الفعل فلا رخصة فيه، والصحيح أن الرخصة جاءت في القول والفعل إذا اطمئن القلب بالإيمان (٤).


(١) سورة التوبة، الآية [٢٤].
(٢) أحكام القران للجصاص، ٥/ ٣٢٦.
(٣) الفتاوى الكبرى، ٤/ ٥٦٨.
(٤) انظر: الجامع لأحكام القرآن، ١٠/ ١٨٢.

<<  <   >  >>