للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتظاهرونهم على المسلمين من دون المؤمنين وتدلونهم على عوراتهم؛ فإنه: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ}، يعني بذلك فقد بريء من اللَّه وبرى اللَّه منه بارتداده عن دينه ودخوله في الكفر {إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً}، إلا أن تكونوا في سلطانهم فتخافوهم على أنفسكم، فتظهروا لهم الولاية بألسنتكم، وتضمروا لهم العداوة، ولا تشايعوهم على ما هم عليه من الكفر، ولا تعينوهم على مسلم بفعل" (١)، وقال ابن كثير رحمه اللَّه: "أي إلا من خاف في بعض البلدان والأوقات من شرهم فله أن يتقيهم بظاهره لا بباطنه ونيته" (٢).

كما دل على مشروعيتها ما ورد أن عيونا لمسيلمة أخذوا رجلين من المسلمين فأتوه بهما، فقال لأحدهما: أتشهد أن محمدًا رسول اللَّه، قال: نعم، فقال: أتشهد أن محمدًا رسول اللَّه، قال: نعم، قال: أتشهد أني رسول اللَّه، قال: فأهوى إلى أذنيه، فقال: إني أصم، قال: ما لك! إذا قلت لك: تشهد أني رسول اللَّه، قلت: إني أصم، فأمر به فقتل، وقال للآخر: أتشهد أن محمدًا رسول اللَّه؟ قال: نعم، فقال: أتشهد أني رسول اللَّه؟ قال: نعم، فأرسله، فأتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا رسول اللَّه، هلكت، قال: "وما شأنك؟ " فأخبروه بقصته وقصة صاحبه، فقال: (أما صاحبك فمضى على إيمانه، وأما أنت فأخذت بالرخصة) (٣).

* * *


(١) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، ٣/ ٢٢٨.
(٢) تفسير القرآن العظيم، ١/ ٣٥٨.
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه، ٦/ ٤٧٣، رقم: ٣٣٠٣٧، قال الزيلعي ٢/ ٢٤٧: "وهو مرسل، ورواه عبد الرزاق في تفسيره، أخبرنا معمر قال سمعت أن مسيلمة الكذاب أحد رجلين فذكر القصة بنحوه وهذا معضل"، تخريج الأحاديث والآثار، عبد اللَّه بن يوسف الزيلعي، تحقيق: عبد اللَّه السعد، دار ابن خزيمة: الرياض، ط ١، ١٤١٤ هـ.

<<  <   >  >>