للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد أخبرنا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ببقاء الطائفة المنصورة فقال عليه الصلاة والسلام: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر اللَّه وهم ظاهرون) (١)، "ولا يزال الأمر إلى قيام الساعة مهما قاموا بالإيمان والعمل الصالح، فلا بد أن يوجد ما وعدهم اللَّه، وإنما يسلط اللَّه عليهم الكفار والمنافقين ويديلهم في بعض الأحيان بسبب إخلال المسلمين بالإيمان والعمل الصالح" (٢).

وقد أخبرنا المولى عز وجل بأنه لن يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلًا فقال تعالى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} (٣)، فمن دلالات هذه الآية أنه سبحانه لا يجعل لهم على المؤمنين سبيلًا يمحو به دولة المسلمين ويستأصلهم ويستبيح بيضتهم، وإن حصل لهم ظفر في بعض الأحيان على بعض المؤمنين فإن العاقبة للمتقين في الدنيا والآخرة (٤)، كما قال تعالى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} (٥)، "ولكن حكمة اللَّه عادلة فإنها اقتضت أن من تمسك بالدين نصره اللَّه النصر المبين وأن من ترك أمره ونهيه ونبذ شرعه وتجرأ على معاصيه أن يعاقبه ويسلط عليه الأعداء واللَّه عزيز حكيم" (٦).


(١) أخرجه البخاري، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين)، رقم: ٦٨٨١، ومسلم، كتاب الإمارة، باب قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين)، رقم: ١٩٢٠.
(٢) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، ١/ ٥٧٣.
(٣) سورة النساء، الآية [١٤١].
(٤) انظر: تفسير القرآن العظيم، ١/ ٥٦٨، وأَحْكَام الْقُرْآن لابن الْعَرَبِيّ، ١/ ٦٤٠، وأضواء البيان، ١/ ٣١٩.
(٥) سورة غافر، الآية [٥١].
(٦) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، ١/ ١٣٠.

<<  <   >  >>