للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفجأة، وإنما أراد به أن يصرف بصره عما بعدها، أما هي فلا يصح فيها ذلك، لأنها بقدرها غير مقصودة، ولا نُهي عنها بعد وقوعها، والذي أمره به من صرف بصره بعدها لا يتعيَّن الأمر فيه، بل يقع الامتثال به، ولو (أمر) (١) مع ذلك بأمر آخر وهو تجنب ما فاجأه نظره مما لا ينبغي النظر إليه، كفعله - صلى الله عليه وسلم - في (تنحية) (٢) أنبجانية أبي جهم (٣)، وإخباره أنه نظر إلى عَلَمها في الصلاة حتى كاد يفتنه (٤).

وكما أمر عائشة أن تُميط فراشها، وعلل ذلك بأن تصاويره لا تزال تعرض له في الصلاة (٥).

وقد يكون ذلك بذهابه هو عن موضع هو فيه، أعني ما لا ينبغي النظر إليه فاعلمه.

* * *


(١) في الأصل "ولو مر"، والظاهر: "ولو أمر".
(٢) في الأصل "تضحية"، والصواب: "تنحية".
(٣) أنبجانية أبي جهم: بفتح الهمزة وسكون النون وكسر الموحدة وتخفيف الجيم وبعد النون ياء النسبة، نسبة إلى موضع يقال له: "أنبجان" لا إلى "منبج"، قاله الحافظ في "الفتح" عن أبي موسى المديني .. وهو كساء غليظ لا علم له، وأبو جهم هذا هو عامر بن حذيفة بن غانم القرشي العدوي المدني الصحابي.
(٤) روى الإِمام مالك في موطئه، والبخاري ومسلم والنسائي وأبو داود: عن عائشة - رضي الله عنها -، قالت: أهدى أبو جهم بن حذيفة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خميصة شامية لها علم، فشهد فيها الصلاة، فلما انصرف قال: "ردي هذه الخميصة إلى أبي جهم، فإني نظرت إلى علمها في الصلاة فكاد يفتنني" هذا لفظ مالك، رواه في كتاب الصلاة، باب النظر في الصلاة إلى ما يشغلك عنها: (تنوير الحوالك: ١/ ١١٩).
(٥) روى البخاري في صحيحه، عن أنس - رضي الله عنه -، قال: كان قرام لعائشة - رضي الله عنها - سترت به جانب بيتها، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أميطي عني؛ فإنه لا تزال تصاويره تعرض لي في صلاتي". انظر: الفتح: ١/ ٤٨٤.

<<  <   >  >>