للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معنى كلمةِ (العَوْرةِ):

تَسْتعمِلُ العربُ الكلمةَ على وضعٍ، ثم تَتوسَّعُ في إطلاقِها على ما يُشارِكُها مِن المعاني ولو مِن بعضِ الوجوهِ لا كُلِّها؛ كلفظةِ (المَسِّ)، وهي مباشَرَةُ الشيئَيْنِ بعضِهما لبعضٍ والتِصاقُهما؛ كقولِه تعالى: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: ٧٩]، ثم تُوسِّعَ في إطلاقِه حتى للمعنويَّاتِ؛ كقولِه: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ} [يونس: ١٢]، وعلى تلبُّسِ الجِنِّيِّ بالإنسيِّ: {لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} [البقرة: ٢٧٥]، وتُطلَقُ أيضاً على الجِماعِ: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: ٣]، وإن كان القَدْرُ المشترَكُ بينَها واحداً ولوِ اختلَفَ المعنَى بينها وتباعَدَ جِدّاً.

ومِن ذلك: مصطلَحُ (العورةِ)؛ فأصلُ إطلاقِهِ على النقصِ والخَلَل، ولما كان صاحبُ النقصِ يَكْرَهُ أن يُرى وينكشِفَ نَقْصُه، دخَلَ في معنى (العَوْرةِ) كُلُّ ما يَشْترِكُ في كراهةِ رؤيَتِهِ عقلاً أو شرعاً أو عُرْفاً:

ففي العُرْفِ: لا يُحِبُّ الناسُ أن تُرى بيوتُهم مِن الداخلِ إلا بإذنِهم؛ فقال اللهُ على لسانِ المنافِقِين: {يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ} [الأحزاب: ١٣]؛ أي: تُدخَلُ ونحنُ نَكرَهُ،

<<  <   >  >>