للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا أحَدَ يَمنَعُ، فتسمَّى البيوتُ المفتوحةُ عورةً وإنْ كانتِ البيوتُ لا عيبَ فيها ولا نقصَ، ويُطلَقُ على الجهةِ التي يَكْرَهُ الإنسانُ أن يُدخَلَ عليه منها: عورةٌ؛ كبابِ البيتِ، ونافِذَتِه، وثُقْبِ البابِ، وجهةِ الحيِّ والمدينةِ التي لا حارِسَ عليها مِن عدوٍّ أو سارِقٍ؛ قال لَبِيدٌ:

حَتَّى إِذَا أَلْقَتْ يَداً فِي كَافِرٍ ... وَأَجَنَّ عَوْرَاتِ الثُّغُورِ ظَلَامُهَا (١)

وفي الشرعِ: أُطْلِقَ على معانٍ تعبديَّةٍ؛ كعَوْرةِ الصلاةِ؛ فيقولون: «المرأةُ كُلُّها عَوْرةٌ إلا وجهَها وكَفَّيْها»؛ لأنَّ الشارعَ يَكْرَهُ كشفَها في الصلاةِ، ولو كانت المرأةُ وحدَها ببيتِها، ولما كان اللهُ يَكْرَهُ أن يَكْشِفَ الرجالُ والنساءُ مواضعَ معيَّنةً مِن أبدانِهم، سُمِّيتْ عورةً، ولما كانَتِ المرأةُ العفيفةُ تكرَهُ أن ينظُرَ إلى شيءٍ مِن جسمِها رجلٌ غيرُ زوجِها غريزةً وشَهْوةً، سُمِّيَ المنظورُ إليه عورةً.

فقد يكونُ العضوُ الواحدُ في حالٍ عورةً، وفي حالٍ ليس بعورةٍ؛ كوجهِ الأَمَةِ، ووجهِ الحُرَّةِ، ووجهِ الشابَّةِ، ووجهِ العجوزِ، بل يختلِفُ بحسبِ الناظِرِ؛ إن كان ذكَراً


(١) «ديوان لبيد» (ص ١١٤).

<<  <   >  >>