للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأمرُ في الآيةِ هو لتغطيةِ المرأةِ وجهَها، فالجلبابُ في الأعلَى، فأُمِرَتْ أن تُنزِلَهُ على وجهِها وتُرْخِيَه عليه؛ قال الزمخشريُّ: «يقالُ إذا زَلَّ الثوبُ عن وجهِ المرأةِ: أَدْنِي ثوبَكِ على وجهِكِ» (١).

ويدلُّ على أنَّ الإدناءَ في الآيةِ يتضَمَّنُ القربَ مِن عُلُوٍّ: قولُ ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما: «يُدْلِينَ عليهنَّ مِن جلابِيبِهِنَّ»؛ كما عندَ الشافعيِّ والبيهقِيِّ (٢)؛ ففسَّرَ (الإدناءَ) بـ (الإدلاءِ)، والإدلاءُ يكونُ مِن الشيءِ العالي؛ ومنه قولُه: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (٥) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (٦) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (٧) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (٨) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} [النجم: ٥ - ٩]، وهو قُرْبُ جبريلَ مِن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فكان عالياً ثم دَنَا فتدَلَّى إليه، ومنه سُمِّيَ الدَّلْوُ دَلْواً؛ لأنَّه يُدْلَى به مِن عُلْوٍ إلى أسفَلِ البِئْرِ.

وقد فَسَّرَ إدناءَ الجلابيبِ بتغطيةِ الوجهِ في هذه الآيةِ وغيرِها مِن السُّنَّةِ والأثَرِ جماعةٌ مِن الصحابةِ؛ صحَّ عن


(١) انظر: «تفسير الزمخشري» (٣/ ٥٦٠).
(٢) أخرجه الشافعي في «الأم» (٣/ ٣٧٠)، وفي «مسنده» (١/ ٣٠٣ رقم ٧٨٨)، ومِن طريقِه البيهقيُّ في «معرفة السنن» (٧/ ١٤١ - ١٤٢).

<<  <   >  >>