للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مؤتزرًا بها قائمًا يصلي، فقلت: يا أبا ذر، أما لك ثوب غير هذه النمرة؟ قال: لو كان لي لرأيته عليَّ، قلت: فإني رأيت عليك منذ أيام ثوبين، فقال: يا ابن أخي، أعطيتهما من هو أحوج إليهما مني، قلت: والله إنك لمحتاج إليهما، قال: اللهم غفرًا، إنك لمعظم للدنيا! أليس ترى عليَّ هذه البردة، ولي أخرى للمسجد، ولي أعنز نحلبها، ولي أحمرة نحتمل عليها ميرتنا، وعندنا من يخدمنا ويكفينا مهنة طعامنا، فأي نعمة أفضل مما نحن فيه؟ وعن أبي شعبة قال: جاء رجل من قومنا أبا ذر يعرض عليه، فأبى أبو ذرٍّ أنْ يأخذ وقال: لنا أحمرة نحتمل عليها، وأعنز نحلبها، ومحررة تخدمنا، وفضل عباءة عن كسوتنا، وإني لأخاف أن أحاسب بالفضل، وورد في سيرته أنه كان يحلب غنيمة له فيبدأ بجيرانه وأضيافه قبل نفسه، ولقد رأيته ليلة حلب حتى ما بقي في ضروع غنمه شيء إلا مصرة، وقرب إليهم تمرًا وهو يسير، ثم تعذر إليهم وقال: لو كان عندنا ما هو أفضل من هذا لجِئنا به، قال: وما رأيته ذاق تلك الليلة شيئًا (١).

أبو رزين: ذكر أبو نُعيم أنه من أهل الصُّفَّة (٢)، وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لرجل من أهل الصُّفَّة يكنى أبا رزين: «يا أبا رزين، إذا خلوتَ فحرِّك لسانك بذكر الله؛ لأنك لا تزال في صلاة ما ذكرت ربك، يا أبا رزين، إذا أقبل الناس على الجهاد، فأحببت أن يكون لك مثل أجورهم، فالزم المسجد تؤذن فيه، ولا تأخذ على أذانك أجرًا» (٣).

أبو ريحانة: شمعون الأزدي، وقيل: الأنصاري، كان من الذَّابِّين المجتهدين (٤).

أبو سلمة: عبد الله بن عبد الأسد المخزومي، من السابقين الأولين إلى الإسلام، أسلم بعد عشرة أنفس، وهو أخو النبي - صلى الله عليه وسلم - من الرضاعة، هاجر الهجرتين، وشهد بدرًا، وجرح يوم أحد جرحًا اندمل، ثم انتقض، فمات منه، وذلك سنة ثلاث من الهجرة، وتزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امرأته أم سلمة رضي الله عنهما (٥).


(١) المرجع السابق (٤/ ١٧٨).
(٢) حلية الأولياء، لأبي نُعَيْم الأصفهاني (١/ ٤٠٤).
(٣) الإصابة في تمييز الصحابة، لابن حجر (٧/ ١١٧): وقال عنه سنده ضعيف.
(٤) حلية الأولياء لأبي نُعَيْم الأصفهاني- مرجع سابق (٢/ ٢٨).
(٥) المرجع السابق (٢/ ٣).