للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٦٥٥٤ - احتجوا: بالظواهر الدالة على وجوب القصاص (قوله تعالى): {وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس} وقوله: {ولكم في القصاص حياة} وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: قتل نفس بغير نفس).

٢٦٥٥٥ - الجواب: أن المراد بذلك القتل العمد بغير شبهة، وهذا غير مسلم في مسألتنا. ولأن الظواهر تدل على وجوب القصاص على القاتل، وقد اختلفنا في القاتل، فعندنا أنه الآمر، وعندهم الآمر والمأمور.

٢٦٥٥٦ - قالوا: قتل من يكافئه لإحياء نفسه ظلمًا (فلزمه القصاص)، كمن اضطر إلى غيره من الجوع فقتله وأكله. وربما قالوا: توصل إلى استبقاء نفسه بقتل من يكافئه ظلمًا، فوجب أن يجب عليه القصاص. وربما قالوا: قتله ظلمًا لاستبقاء نفسه، فكان حكمه كما لو ابتدأ قتله. قالوا: وعلى هذا الجماعة إذا خافوا في السفينة الغرق فألقوا بعضهم في الماء، (و) كمن قصدهم سبع فألقوا إليه أحدهم.

٢٦٥٥٧ - قلنا: قولكم إنه قتل لاستبقاء نفسه ليس بصحيح، لأنه لا يعيش بقتله. وإنما يعيش بأكله. ولأن الجوع لا يؤثر في البيع، بدلالة أن من اضطر إلى طعام (غيره) فلم يتمكن من أخذه منه فابتاعه (نفذ) البيع، ولو أكره على الابتياع لم ينفذ البيع، فدل على اختلاف الإكراه والجوع. ولأن الضرورة في الجائع ليس معها علم ظاهر، وإنما يعلم حالة بقوله. والإكراه علم ظاهر يدل عليه فقد الاختيار. وبهذا المعنى (يسقط) ضمان الأموال عن المأمور المكره، ولا يسقط عن المضطر إلى الأكل.

<<  <  ج: ص:  >  >>