للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما بينه بين البيت، وبين زمزم وبين الركن.

وقد بسطنا القصة في الباب الرابع من كتابنا "إعلام سائر الأنام بقصة السيل الذي سقط منه البيت الحرام، وما يتعلق به من عمارة وحكم وأحكام".

[وجه الاستشهاد]

أنه كان بمكة من الصحابة عدد كثير من مسلمة الفتح وغيرهم ومن التابعين ما لا يمكن حصره، فلو كان مثل هذا الأمر المهم الشأن مما يطلب عمله من عموم الناس على سبيل فرض الكفاية ولا يتوقف على إذن الإِمام وما يصدر عن نظره لما توانوا في ذلك ولا فتروا فيه، ولبحثوا عن علم مكانه كما بحث عنه فوقفوا عليه، لكن إمساكهم اليد عن تعاطي عمل ذلك دليل على أن المخاطب بعمل أمثال ذلك إنما هو أئمة المسلمين وخلفاؤهم لا الآحاد ولو كانوا ذوي قدرة، ولا عمال الخلفاء على البلاد.

ولا شك أن المقام الإِبراهيمي له شرف ومكانة (١)، ويتعلق به بعض الأحكام كطلب صلاة ركعتي الطواف خلفه، وبتأخير وضعه محله خصوصًا مع اشتباهه يفوت هذا الفضل، فاغتفروا التأخير المترتب عليه فوات هذه السنّة مع إمكان وقوفهم على حقيقة الأمر واستكشاف موضعه ووضعه فيه إلى أن يصل الأمر للخليفة إذ ذاك أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

فدل على أن المخاطب بعمارة ذلك وما شابهه من المواضع الأكيدة الحرمة كالكعبة وحدود الحرم وعمارة موضع حجرته - صلى الله عليه وسلم - إنما هو الإِمام الأعظم، مع ما في مباشرة الآحاد لذلك من التعريض للفتنة ولإِهمال أمر الخلافة ولا شك أن ما يؤدي لذلك ممنوع.


(١) قال الإِمام النووي في تهذيب الأسماء ٣/ ١٥٥: وهو موضع معروف، هذا مراد الفقهاء بقولهم يصلي ركعتي الطواف خلف المقام وشبه ذلك من ألفاظهم، وأما المفسرون فقد اختلفوا فيه اختلافًا كثيرًا منتشرًا، انتهى. وينظر: "التاريخ القويم"، للكردي: ٤/ ١٠ - ٦٥، ففيه تفصيل مفيد شاف.

<<  <   >  >>