للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشرعي بطلبِ الناظرِ على العمارة أن الخرَبَ في الجدار حقيقةٌ، وأنهم لم يحكموا بخرْبه لطمَعٍ دُنيوي، وذلك احتياطًا لأمر البيت الحرام. وقد صرح الفقهاء بأن الحاكم الشرعي يحلّفُ للتهمة في أقل من هذا الأمر.

[رد إشكال حول هدم ما لم يكن آيلًا للسقوط من البناء الشريف]:

فإن قلت: في "صحيح مسلم" عن عطاء (١): أن البيت لما احترق زمن يزيد بن معاوية (٢)، إذ أرسل جيشًا لغزو ابن الزبير، وأن ابن الزبير بعد انصرافهم عنه استشار الناس: أنقضها ثم أبني بناها؟ أم أصلح ما وهَى منها؟. فقال ابن عباس: فإني أرى أن تصلح ما وهى منها وتدع بيتًا أسلم الناس عليه، وأحجارًا أُسْلِم عليها (٣)، وبُعِثَ عليها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال ابن الزبير: لو كان أحدكم احترق بيته ما رضي حتى يُجِدَّه، فكيف ببيت ربكم ... الحديث (٤).

ففيه أنه هدم ما يمكن بقاؤه مع إصلاح الواهي المحترق طلبًا لصنعه كله على أكمل حال، فليكن الجانب الشامي فيما نحن فيه كذلك، وإن لم يقل بأيلوليته للسقوط.


(١) هو عطاء بن يسار الهلالي، أبو حمد المدني القاص، مولى السيدة ميمونة أم المؤمنين رضي الله عنها، وثقه ابن معين وأبو زرعة والنسائي، مات سنة ١٠٣ هـ أو ١٠٤ هـ، وقيل سنة ٩٤ هـ, وتوفي بالإِسكندرية كما جزم ابن يونس.
(٢) كانت ولاية يزيد بن معاوية سنة ٦٠ للهجرة، ومات سنة ٦٤ هـ، ومدة ولايته ثلاث سنين وتسعة أشهر، الأعلام: ٨/ ١٨٩.
(٣) كذا بالأصل، والذي في مسلم (١٣٣٣): أسلم الناس عليها ...
(٤) صحيح مسلم: كتاب الحج، حديث (١٣٣٣) وتتمته ومحل الشاهد منه قول ابن الزبير رضي الله عنهما: إني مستخير ربي ثلاثًا، ثم عازم على أمري، فلما مضى الثلاث أجمع رأيه على أن ينقضها، فتحاماه الناس أن ينزل بأول الناس يصعد فيه أمر من السماء حتى صعده رجل فألقى منه حجارة، فلما لم يره الناس أصابه شيء تتابعوا فنقضوه حتى بلغوا به الأرض، فجعل ابن الزبير أعمدة فستر عليها الستور حتى ارتفع بناؤه ... إلى آخره.

<<  <   >  >>