للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقضاؤه، لأن الصائم له حدٌ محدود وهو غروب الشمس (١).

فإن قيل: فهلا طرَدْتُم ذلك في الصلاة إذا أفسدها، وقلتم: يمضي فيها ثم يعيدها؟

قيل: من ههنا ظَنَّ مَنْ ظَنَّ أن المضي في الحج الفاسد على خلاف القياس (٢)، والفرق بينهما أن الحج له وقتٌ محدودٌ وهو يوم عرفة كما للصيام (٣) وقت محدود وهو الغروب، وللحج مكانٌ مخصوص لا يمكن إحلال المُحْرِم قبل وصوله إليه كما لا يمكن فطر الصائم قبل وصوله إلى وقت الفطر (٤)، فلا يمكنه فعله، ولا فعل الحج ثانيًا في وقته، بخلاف الصلاة فإنه يمكنه فعلها ثانيًا في وقتها؛ وسرُّ الفرق أن وقت الصيام والحج بقدر فعله لا يَسَع غيره، ووقت الصلاة أوْسع منها فيسع غيرها، فيمكنه تدارك فعلها إذا فسدت في أثناء الوقت، ولا يمكن تدارك الصيام والحج إذا فسدا إلا في وقتٍ آخرَ نظير الوقت الذي أفسدهما فيه، واللَّه أعلم (٥).

[فصل [العذر بالنسيان]]

وأما من أكل في صومه ناسيًا فمن قال: "عدم فطره ومضيه في صومه على خلاف القياس" ظن أنه من باب ترك المأمور ناسيًا، والقياس أنه يلزمه الإتيان بما تركه، كما لو أحدث ونَسي حتى صلَّى (٦)، والذين قالوا: "بل [هو] (٧) على وفْق القياس" حُجَّتُهم أقوى؛ لأن قاعدة الشريعة أَنَّ مَنْ فعل محظورًا ناسيًا فلا إثمَ عليه، كما دل عليه قوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:


(١) انظر: "تهذيب السنن" (٣/ ٢٧٥ - ٢٧٦)، و"مدارج السالكين" (١/ ٣٨١) ووقع في (ق): "لأن الصيام له حد".
(٢) انظر في تفصيل ذلك: "مجموع فتاوى ابن تيمية" (٢٠/ ٥٦٨ - ٥٦٩)، و"المعدول به عن القياس" (١١٤ - ١١٥).
(٣) في (ك): "للصائم".
(٤) في (ن): "قبل وقته" وفي (ق): "كما لا يمكن فطر الصيام".
(٥) انظر هذا الفصل بتمامه وكماله بتصرف يسير جدًا في "مجموع الفتاوى" (٢٠/ ٥٦٨ - ٥٦٩).
(٦) نحوه في "البناية شرح الهداية" (٣/ ٣٠٠ - ٣٠١)، و"المجموع" (٦/ ٣٢٥).
(٧) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).

<<  <  ج: ص:  >  >>